... ومن أسماء الأنبياء في كتاب الله : إبراهيم، وإسماعيل، وموسى، وعيسى، إنما هي بالعبرانية، أو بالسريانية : أبرَوهم، وأشمويل، وميشا، وأيسوا، فعرّبتها العرب، فهذه الأسماء أعجمية الأصول، عربية الألفاظ، فمن قال : إنها أعجمية، فقد صدق، ومن قال : إنها عربية، فقد صدق، لما ذكرنا، ومن ذلك : المؤمن، والمسلم، والمنافق، والكافر، لم تكن العرب تعرفها ؛ لأن الإسلام والكفر والنفاق ظهر على عهد رسول الله، وإنما كانت العرب تعرف الكافر كافرَ نعمة، وتعرف المؤمن من جهة الأمان، والمنافق فلا ذكر له في لغة العرب، قال الله في المسلم :/ [مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ ] (١) ١٠ ب فيجوز أن يكون سماهم بتلك اللغة باسم كان معناه الإسلام، لأن الله أنزل صحف إبراهيم بالسريانية، وكان إسماعيل هو الذي تكلم بالعربية، ولم يوجد اسم الإسلام في كلام العرب، ولا كان قبل مبعث النبي، وإنما نزل القرآن بلغة قريش، وهم من ولد إسماعيل، فقد دلّ على أنّ إبراهيم لم تكن لغته العربية، وإنّ الذين سماهم المسلمين إنما هو بلغته، ومثل ذلك كثيرة في الشريعة، لا تعرفها العرب على هذه الأصول، مثل : الأذان، والصلاة، والركوع، والسجود، لأن الأفعال التي كانت هذه الأسماء لها لم تكن منهم، وإنما سنها النبي عليه السلام، وعلمها الله إياه، وقد كانت الصلاة، والصيام، وغير ذلك في اليهود والنصارى، وكانت اليهودية والنصرانية في العرب، ويقال : إنّ المجوسية لم تكن فيهم، على ما ذكره الرواة، ورووا إنّ أول من مجس من العرب حاجب بن زرارة الدارمي (٢)،

(١) الحج ٧٨
(٢) حاجب بن معازية بن زيد بن شيبان بن علقمة بن زرارة بن عدس، أبو عِكرشة، كان اسمه زيدا، وإنما سمي حاجبا لعظم حاجبيه، كان على دين المجوس، تزوج ابنته دخنوس، وقيل : بل دخنوس ابنة أخيه لقيط بن زرارة، وفد على كسرى لما منع تميما من ريف العراق، فضمن لكسرى إخلاص قومه، ورهن قوسه على ذلك ٠ العقد الفريد ٢/ ١٧


الصفحة التالية
Icon