الدائم : قيل له تعالى دائم ؛ لأنه لم يزلْ، ولم يَخْتَلِف (١) أحداً، فزعم أنه مُبدَع، إذ كان كل من أقرّ به أقرّ أنه لم يزل، ومَن أنكرهُ زعم أنَّ العالَم لم يزل، فأثبت الصفة للعالَم بالأزلية، ولم ينكر الأزلية، فلما كانت الأزلية ثابتة بلا مخالف، فلما أقروا لنا بالأزلية، وأنكرناها للعالَم، وجب عليهم إثباتها للعالَم بلا مخالف، إذ كانوا مقرين بآنية الأزلية، فلما لم / يقدروا على إثباتها للعالَم بلا مخالف، ١٦ب وكانوا مقرين بأنيّتها ثبتت لمبدع العالَم، وكانت عندنا لله بما ثبت من الأدلة، وكانت الأزلية توجب الإبداع، وهما جميعا موجودان، فقلنا : الأزلية له تعالى، والإبداع للعالَم، فلما ثبت أنه لم يزل، ثبت أنه لا يزال، وأنه الدائم الخالق للزوال والانتقال، والزيادة والنقصان، فهو الخالق للزمان والمكان، والحدود والأوقات التي فيها الزيادة والنقصان ٠
الخالق والخلاّق والقادر : ومن صفاته الخالق والخلاق، وقد جاءت الصفتان جميعا في القرآن [الْخَالِقُ الْبَارِئُ ] (٢)، وقال [ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ ] (٣)، وهما جميعا من خلق يخلق خلقا، فهو خالقٌ وخلاّق، فالخالق معناه أنه ابتدأ الخلق أول مرة، والخلاّق لأن من شأنه أن يخلق إلى آخر الدهر، حتى يتم الخلق، فأحدهما على وزن فَاعِل، مثل قاتل، وجازر، والآخر على وزن فعّأل، مثل قتّال وجزّار، والخَلْق المصدر، والخلق الاسم أيضا، قال تعالى :[هَذَا خَلْقُ اللَّهِ] (٤) ومعنى الخلق واشتقاقه القدير، يقال خلقَ إذا قدرَ، قال زهير يمدح رجلا (٥) :( الكامل )
فَلَأَنتَ تَفري ما خَلَقتَ وَبَعضُ القَومِ يَخلُقُ ثُمَّ لا يَفري
(٢) الحشر ٢٤
(٣) يسن ٨١
(٤) لقمان ١١
(٥) شرح ديوان زهير، ص ٩٤