وقالوا في قوله :[ وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ] (١)، سدادا من القول وصوابه، فكأنه سمّى السداد والصواب سلاما ؛ لأنه قد سلم من الكذب والغيبة والإثم، والله تعالى وضع هذا الاسم بين عباده ليكون أمانا لهم فيما بينهم، فإذا سلّم أحدهم على الآخر فقد أعطاه الأمان، كأنه يقول : سلمت منِّي أن أتناولك بقول أو فعل، ومن ذلك قال النبي عليه السلام :( المسلم من سلم الناس من يده ولسانه ) (٢)، والسلام السلامة، قال لبيد (٣) :( مجزوء الكامل )
المَرءُ يَدعو لِلسَلامِ وَطولُ عَيشٍ قَد يَضُرُّه
يريد السلامة، وقال تعالى :[ لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا ] (٤) أي سلّمهم الله في الدنيا من آفاتها، وسلموا في الآخرة من عذاب النار فسلموا في الدارين، فلذلك كرر سلاما سلاما ٠
المؤمن : ومن صفاته تعالى المؤمن، وأصله من الأمان، كأنه آمن عباده أن يظلمهم، أي أعطاهم الأمان على ذلك ؛ لأنه العادل في حكمه، لا يظلم خلقه، ولا يجور عليهم، ويقال : آمن الأمير فلانا، أي أعطاه الأمان، فلا يخاف عاديته، ولا يخشى سطوته، فهو مؤمن له، وهو على وزن افعلَ فهو مُفْعَل، والمفعول به قد أمِن يأمن فهو آمِن فَعِل يَفْعَل فهو فاعل، فالعباد آمنون أن يجور الله عليهم، فالله يؤمنهم، قال النابغة (٥) :" من البسيط "...............
وَالمُؤمِنِ العائِذاتِ الطَيرَ تَمسَحُها رُكبانُ مَكَّةَ بَينَ الغَيلِ وَالسَّنَد ١٨ ب

(١) الفرقان ٦٣
(٢) سنن النسائي ١٥/١٨٢، مسند أحمد ١٤/٢٢٧، وفيهما من سلم الناس من لسانه ويده ٠ المكتبة الشاملة
(٣) ديوانه/ الموسوعة الشعرية ٠
(٤) الواقعة ٢٥
(٥) ديوانه، ص ٣٥، وفيه : بين الغيل والسعد ٠


الصفحة التالية
Icon