الجليل العلي العظيم المتعالي : تبارك وتعالى جده، وإنما قيل جليل عظيم ؛ لأنه خلق الخلق الجليل العظيم، فاستدللنا عليه بهذا الخلق العظيم، وإن كان جليلا عظيما فإن الحواس قد أحاطت به / والمشاعر قد حوته، فالخالق جلّ عن ٢٢ ب أنْ تحيط به الحواس، أو تبلغَه المشاعر، أو تدركَه الأوهام، أو تبلغَه الخطرات، وتعالى عن ذلك، يعجز المخلوقون عن درَكه بوجهٍ من الوجوه، واعترفوا بالعجز على أنفسهم ؛ لأنهم لا يقدرون على حيلة، ولا تبلغ قوتهم درك كيفيته، ففزعوا إلى أسمائه، والتجأوا إلى صفاته، وأقروا أنهم لا يدركون ذاته ؛ لتعاليه، فاستعانوا باسمه، ثم وصفوه بالجلال والتعالي والعظمة، فقالوا: لا حول لنا ولا قوة على درك معرفته إلاّ باسمه، والالتجاء إليه، وإلى صفاته باسمه الله، وصفاته الجليل، العظيم، العلي، المتعالي، فقالوا: لا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم، والجلالة هي العظمة، فكأن الخلق لما عرفوا جلاله وعظمته، ولم يقدروا على بلوغ صفته، واعترفوا بالعجز تذللوا بالخضوع، فقالوا : يا ذا الجلال والعظمة، والعلي من العُلُوّ، وقال أهل اللغة : تبارك تفاعل من البركة، وتعالى من العلو، ويجوز متعالي، ولا يجوز متبارك، فقيل له تعالى : تبارك ؛ لأنه خلق الخلق كله، وبارك فيه، وقدّر لكل قُوته، ولم يبخس شيئا حظه، فمنه ظهرت البركة، وقولهم : تعالى جَدُّك، قال أهل اللغة : الجَد : عظمة الله، من قوله :[جَدُّ رَبِّنَا] والجِد بالكسر الاجتهاد، وانكر قوم في الدعاء تعالى جَدُّك، وقالوا : الذي في القرآن حكاية عن الجن، وأجازه آخرون، وذكروا بأنه مدح الجن، وذكروا أنهم أثنوا، وذهبوا به إلى معنى العظمة، ومنه الحديث (١) :