فالقرآن الكريم اشتمل على بشارة ونذارة، وأن الأسباب التي ينال بها العبد البشارة هي الإيمان والعمل الصالح، والتي يستحق بها النذارة هي غير ذلك.
ما سبق من الآيات يكفي للدلالة على أثر الإيمان الصادق المتبع للإخلاص والعمل الصالح والحياة الطيبة في الدنيا، والأجر العظيم في الآخرة ؛ لأن القرآن لا يخبر إلا بأجلِّ وأعظم الإخبارات التي تملأ القلوب معرفة وإيمانًا وعقلاً، كالإخبار بأسماء الله وصفاته وأفعاله، والغيوب المتقدمة والمتأخرة، وأوامره ونواهيه التي تزكي النفوس وتطهرها وتنميها وتكملها ؛ لاشتمالها على كمال العدل والقسط والإخلاص والعبودية لله رب العالمين، وحده لا شريك له، فله الحمد سبحانه على إنزاله لهذا القرآن العظيم(١).
* * *
المبحث الثاني
دعوة الرسول - ﷺ - بالقرآن وأثر ذلك
كان الرسول - ﷺ - يدعو إلى الله بالقرآن العظيم بقوله وعمله وهديه، ولما سئلت عائشة رضي الله عنها عن خلقه قالت : كان خلقه القرآن.
أي أنه يتمثل القرآن في أموره جميعًا، وفي أحواله وأقواله وأفعاله ؛ فيقف عند حدوده، ويتأدب بآدابه، ويعتبر بأمثاله وقصصه، وهذه بعض النماذج للدعوة بالقرآن العظيم وتأثيره في نفوص المدعوين :
١ - شأن دعوة الرسول - ﷺ - للملوك والرؤساء بالقرآن، ومن ذلك الكتاب الذي أرسله الرسول عليه الصلاة والسلام إلى ملك الروم هرقل :(( بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد...

(١) تفسير السعدي، ص ٤١٩.


الصفحة التالية
Icon