ويضرب الله مثلا آخر يرتبط فيه الأمن والاطمئنان بالجوع والخوف والظلم، إذ يقول: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ ZpsYدB#uن Zp¨Zح³yJôـ-B يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ ôNuچxےx٦sù بِأَنْعُمِ اللَّهِ $ygs%¨sŒr'sù اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (١١٢) ﴾ [النحل: ١١٢]. (١)
فالأمن مطلب عزيز حرص عليه جميع الأحياء لأنه محسوس عاجل والنفس مولعة به فلا يقدم أحد على ما يكون سببا في فقد أمنه في الغالب، إلا لأحد أمرين:
الأمر الأول: عدم علمه بأن ما يقدم عليه سببا في فقد أمنه، كمن يقدم على الاعتداء على نفس محرمة فيزهقها.
الأمر الثاني: أن يترجح عنده الإقدام على الإحجام بما يكون سببا في فقد أمنه كمن اعتدي على دينه أو عرضه أو ماله. (٢)
والعلاقة وثيقة بين الأمن والتقدم الحضاري يقول ول دوبرانت أن الحضارة تبدأ من حيث ينتهي الاضطراب والقلق والخوف. والحقيقة أن ظاهرة السلطة ومن ثم ظاهرة الدولة في المجتمع الإنساني، ارتبطت ارتباطا أساسيًا بالمقدرة على تحقيق ذلك الشعور بالأمن لدى الناس.
ومن مسيرة الإنسان الطويلة كانت مصادر الخوف تتنوع وتتعدد وكانت حاجة الإنسان إلى الأمن قائمة متجددة، وكان المبرر الأساسي لوجود سلطة الدولة هو إشباع ذلك الشعور وتحقيقه لدى الغالبية من الناس: الشعور بالأمن.
وبقدر ما تتسع مساحة الشعور بالأمن وتضيق مساحة الشعور بالخوف، بقدر ما يتحقق التقدم الحضاري في مجتمع من المجتمعات. (٣)

(١) الأمن والمخابرات/ علي نميري صفحة ٩-١٩. خرطوم مركز الدراسات التاريخية، ١٤١٧هـ.
(٢) أثر التربية الإسلامية صفحة ١٧-١٨.
(٣) مد، مؤسسة نظرية الأمن والإيمان /عبد الوهاب محمود المصري. بيروت، مؤسسة الرسالة، ١٤١٣هـ. دمشق، الدار المتحدة. صفحة١٤٣ حتى صفحة ١٤٦بتصرف.


الصفحة التالية
Icon