ولذا نجد أن أغلب الأمم التي تدعي أنها تنشد الأمن والرخاء والاستقرار لا تسلك سبيل هذا القسم بل أنها لتضع السدود أمام سالكيه وتحاربهم وتصد من أراد أن يستجيب لهم فيدل على ذلك قصص الأنبياء والرسل مع قومهم وتاريخ الدعاة إلى الله مع الأجيال المتلاحقة والمتأمل في قصة نوح مع قومه وإبراهيم مع قومه وحتى قصة محمد مع قومه (عليهم الصلاة وأتم التسليم). يرى أن أغلب تلك الأمم تسعى جاهدة لتعاطي كل سبيل يوصلها إلى خوفها وهلاكها ودمارها وتسد كل باب يوصلها إلى أمنها واطمئنانها واستقرارها، على الرغم من دعوى السعي الجاد إلى الأمن والاستقرار. فينطبق عليهم تماماً ما ذكر الله تعالى في كتابه من أن أكثر الناس ضالون مضلون فاسقون كافرون غير مؤمنين. (١)
كما نجد أن الأصول التي تقوم عليها الحياة الطيبة هي التي يسميها العلماء بالضرورات الخمس وهي الدين والنفس والعقل والعرض والمال وبعضهم يضيف اليهما ضرورة سادسة وهي النسل.
هذه الضرورات إذا لم تحفظ لأي أمة فان بقاء تلك الأمة مستحيل وانقراضها محقق. (٢)
وهنا لابد أن نتأمل كلام الأمام الشاطبي رحمه الله حيث يقول:
"فأما الضرورات فمعناها أنها لابد فيها من قيام مصالح الدين والدنيا، بحيث إذا فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة"أ. هـ بتصرف (٣)
وإذا راجعنا نصوص القرآن والسنة وكتب الشريعة وجدنا أن هذه الأصول التي لا حياة بدونها هي الهدف الذي يجب أن يكون نشاط الإنسان كله متجها لحفظه وحفظ ما يكمله أو درء ما يضعفه.

(١) أثر التربية الإسلامية ـ مرجع سابق ص ٢٠.
(٢) أثر التربية الإسلامية ـ مرجع سابق ص ٢٠-٢١.
(٣) الموافقات/ أبو إسحاق إبراهيم موسى الشاطبي تحقيق عبد الله دراز، ترتيب محمد فؤاد عبد الباقي ج٢ ص ٨.


الصفحة التالية
Icon