(والعلم يدخل إلى العبد من ثلاثة أبواب: من سمعه وبصره وقلبه وقد سدت عليهم هذه الأبواب الثلاثة؛ فسد السمع بالصم، والبصر بالعمى، والقلب بالبكم)(١٩).
فهذه الموانع (الوقر والأكنة والحجاب، والطبع والختم، والمرض، والصمم والعمى والغشاوة والبكم)، حواجز جعلها الله بسبب الكفر والظلم والمعاصي، حائلة بين المرء وبين فهمه وانتفاعه وتأثره بالقرآن.
وعلى قدر بعد العبد من المعاصي، وإكثاره من التوبة والاستغفار تكون نجاته من الموانع والحجب.
والمجتمع المسلم إنما يتكون من أفراده، فإذا كثر المحرومون من هداية القرآن، والمحجوبون عن آثاره في ذلك المجتمع، كان ذلك داعياً إلى حجب ذلك الأثر عن سائر المجتمع.
الفصل الثاني
أنواع التأثر الإيماني لدى الفرد والمجتمع ونماذج منه
وفيه مبحثان:
المبحث الأول: أنواع التأثر الإيماني من خلال أركان الإيمان الستة، ونماذج منه.
المبحث الثاني: أنواع التأثر الإيماني من خلال بقية شعب الإيمان، ونماذج منه.
المبحث الأول
أنواع التأثر الإيماني من خلال أركان الإيمان الستة، ونماذج منه
تعتبر أركان الإيمان الستة المذكورة في قوله تعالى: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ ﴾ (البقرة: ١٧٧).
وفي قوله تعالى: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ (القمر: ٤٩).
وفي قول النبي ﷺ (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره)(٢٠).
الموضوع الرئيس لآيات القرآن الكريم وسوره.
فالقرآن الكريم إما حديث عن الله عز وجل: عن ربوبيته وعظمته، عن ألوهيته ورحمته، عن أسمائه الحسنى وصفاته، وعن آثار كل ذلك في الكون.
وإما حديث عن الملائكة ومهامهم ووظائفهم وعبادتهم.