ولذلك فإن المؤمن الذي من الله عليه بأن بذل تلك الأسباب وخلا من تلك الموانع موعود بأن تظهر على روحه وسلوكه وجسده آثار الانتفاع بالقرآن والاهتداء بهديه، وممن ثم ينتقل ذلك التأثر والاتنفاع إلى سائر المجتمع بحسب تأثير أولئك الأفراد فيه.
وبعض تلك الآثار المشار إليها سبق الحديث عنه ضمن الأسباب؛ لأنه يمثل سبباً وأثراً في آن واحد، فمثلاً صفات (التقوى والإيمان والإسلام والإحسان واليقين) التي أشرنا في المبحث الأول من الفصل الأول أن الاتصاف بها من أسباب حصول التأثر والانتفاع بالقرآن هي كذلك من آثار الانتفاع بالقرآن، فقراءة القرآن وتدبره والعمل به يورث المرء زيادة التقوى والإيمان...
قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآَتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ﴾ (محمد: ١٧).
وقال تعالى: ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾ (التوبة: ١٢٤).
وقال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا ﴾ (الأنفال: ٢).
ويتفرع عن تلك الآثار الكبرى آثار وصفات هي في الأصل نتيجة لتلك الآثار ومن ذلك:
-الطمأنينة قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ (الرعد: ٢٨).
والمسلمون اليوم أفراداً ومجتمعات أحوج ما يكونون إلى تلك الطمأنينة والسكينة التي تنبعث في دواخلهم جراء عيشهم مع القرآن ومع ذكر الله.
وحلقات تحفيظ القرآن الكريم اليوم يجب أن تؤكد على غرس هذه المعاني في نفوس طلابها وذويهم، حماية للمجتمع من موجات القلق التي تجتاحه بين الفينة والأخرى لأسباب اقتصادية أو صحية أو غيرها.


الصفحة التالية
Icon