فأهل طاعة الله، الخاضعون له بالتوحيد، المذعنون له بالطاعة، المستسلمون لأمره ونهيه، المقرون بالآيات المصدقون بها قولاً وعملاً هم أولى الناس بهداية القرآن، المتأثرين به(١٥).
-وقال تعالى: ﴿ تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (٢) هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ ﴾ (لقمان: ٢، ٣).
فمن أصناف المتأثرين بهذا القرآن المنتفعين به المحسنون، المتقنون لعباداتهم، المريدون بها وجه الله، وكذلك المحسنون المنعمون على غيرهم، المتفضلون عليهم وقال تعالى: ﴿ هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ (الجاثية: ٢٠).
فأهل اليقين هم أهل للتأثر بالقرآن والانتفاع به.
وقال تعالى: ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾ (الزمر: ٢٣).
وتلك الآيات نصوص واضحة صريحة في أن الاستعداد القبلي بالتقوى والإيمان والإسلام والإحسان واليقين يهيئ أصحابه للانتفاع والتأثر بالقرآن والاهتداء بهديه.
وعلى النقيض من هؤلاء يأتي أقوام يتقنون تلاوة القرآن الكريم وربما حفظوه، ولم يكن لهم قبل ذلك الحفظ ولا بعده رصيد من إيمان أو تقى.... فإن تأثرهم بالقرآن وهم على تلك الحال غير متحقق.
وعلى قدر تخلق المسلم واتصافه بتلك الأوصاف يكون انتفاعه وتأثره بكتاب الله عز وجل واهتداؤه به، وعلى قدر تخليه عنها أو عن بعضها فإنه يفقد من قابلية قلبه التدبر لكتاب الله.


الصفحة التالية
Icon