وفي ختام هذا المبحث أحب أن أؤكد على قضية مهمة وهي أن المجتمع - ومن خلال أفراده - في رحلته وسعيه إلى تملك والتمكن من أسباب وأدوات التأثر بالقرآن يحقق جملة من المكاسب المهمة وهي - وإن كان بعضها ليست هدفاً لذاتها أول الأمر - إلا أن الوصول إلى فهم القرآن والانتفاع بالقرآن يمر من خلالها وعبرها.
ولذلك فهو يمارس الطهارة المعنوية والحسية رغبة في التخلص من الحواجز التي تحول بينه وبين فهم القرآن الكريم.
فيتخلص أفراد المجتمع وهم في مسيرتهم نحو فهم القرآن والتأثر به - مما علق بأجسادهم وأرواحهم من دنس الحياة وخطيئاتها.
وهكذا كل تلك الصفات والآداب التي ذكرناها في الصفحات السابقة تضع أقدامنا على الصراط المستقيم لبناء مجتمع إسلامي فاضل، ينشد الآخرة، ويعمر الدنيا في طريقه إلى الآخرة.
…وخلو المجتمع أو بعض أفراده من تلك الصفات أو بعضها - إضافة إلى حرمانهم من التأثر بالقرآن - يحرمه من مقومات الحياة السعيدة الهانئة.
المبحث الثاني
موانع التأثر الإيماني بالقرآن على الفرد والمجتمع
يمثل التفريط في الأسباب المذكورة في المبحث السابق القسم الأهم في موانع التأثر الإيماني بالقرآن، لأن تلك الأسباب إنما جعلت من أجل الوصول إلى التأثر والانتفاع، فانتفاء تلك الأسباب أو بعضها يمنع التأثر أو يؤخر حصوله.
ولكني سأهتم في هذا المبحث بموانع أخرى ذكرها الله في القرآن وأخبر أن المشركين حرموا بسببها الانتفاع بالقرآن والاهتداء بهديه.
وهي في الحقيقة ليست حاصلة ابتداءً، بل نتيجة للكفر والنفاق والإغراق في المعاصي والسيئات كما سأوضح لاحقاً.