قال تعالى :﴿ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ﴾(١) : لا تعرض بوجهك عمن كلمته تكبرا واستحقارا لمن تكلمه.. ولا تتكبر ؛ فتحقر عباد الله، وتعرض عنهم بوجهك إذا كلّموك... وتواضع في مشيك إذا مشيت، ولا تستكبر ( (٢) ).
وقال ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ (٣). هذه صفات عباد الله المؤمنين ﴿ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأرْضِ هَوْنًا ﴾ أي: بسكينة ووقار ؛ من غير جَبَرية ولا استكبار، كما قال تعالى:﴿ وَلا تَمْشِ فِي الأرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولا ﴾ (٤). فأما هؤلاء فإنهم يمشون من غير استكبار ولا مرح، ولا أشر ولا بطر. وليس المراد أنهم يمشون كالمرضى من التصانع تصنعًا ورياء.( (٥) )
عن الحسن البصري قال: إن المؤمنين قوم ذُلُل، ذلت منهم الأسماعُ والأبصار والجوارح، حتى تحسبهم مرضى وما بالقوم من مرض، وإنهم لأصحاء، ولكنهم دخلهم من الخوف ما لم يدخل غيرهم، ومنعهم من الدنيا علمُهم بالآخرة، فقالوا: الحمد لله الذي أذهب عنا الحَزَن. أما والله ما أحزنهم حزن الناس، ولا تعاظم في نفوسهم شيء طلبوا به الجنة ؛ أبكاهم الخوف من النار. وإنه من لم يتعز بعزاء الله تَقَطَّعُ نفسُه على الدنيا حسرات، ومن لم ير لله نعمة إلا في مطعم أو في مشرب، فقد قلَّ علمه وحضَر عذابهُ. ( (٦) )
(٢) تفسير الطبري
(٣) سورة الفرقان : ٦٣.
(٤) سورة الإسراء : ٣٧.
(٥) تفسير ابن كثير
(٦) تفسير القرآن العظيم – ابن كثير