قال تعالى :﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا﴾(١). التبذير : تفريق المال كما يفرّق البذر كيفما كان من غير تعمد لمواقعه، وهو الإسراف المذموم لمجاوزته للحدّ المستحسن شرعاً في الإنفاق، أو هو الإنفاق في غير الحق، وإن كان يسيراً، قال الشافعي : هو انفاق المال في غير حقه، ولاتبذير في عمل الخير.( (٢) )
وقال تعالى :﴿وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا﴾(٣). وهذا النهي يتناول كل مكلف.. والمراد : نهي الإنسان أن يمسك إمساكاً يصير به مضيقاً على نفسه وعلى أهله، ولا يوسع في الإنفاق توسيعاً لا حاجة إليه، بحيث يكون به مسرفاً، فهو نهى عن جانبي الإفراط والتفريط. ويتحصل من ذلك مشروعية التوسط، وهو العدل الذي ندب الله إليه.( (٤) )
وقال تعالى :﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾(٥). اختلفوا في معنى الإسراف والإقتار، فقال بعضهم : الإسراف: النفقة في معصية الله وإن قلّت، والإقتار: منع حق الله تعالى. وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة وابن جريج. وقال الحسن في هذه الآية : لم ينفقوا في معاصي الله، ولم يمسكوا عن فرائض الله. وقال قوم : الإسراف : مجاوزة الحد في الإنفاق ؛ حتى يدخل في حد التبذير. والإقتار: التقصير عمَّا لا بدَّ منه ( (٦) ).
قال عمر بن الخطاب: كفى سَرَفًا أن لا يشتهي الرجل شيئًاً إلا اشتراه فأكله ( (٧) ).

(١) سورة الإسراء : ٢٦.
(٢) تفسير فتح القدير - الشوكاني
(٣) سورة الإسراء : ٢٩.
(٤) تفسير فتح القدير - الشوكاني
(٥) سورة الفرقان : ٦٧.
(٦) تفسير معالم التنزيل - البغوي
(٧) تفسير معالم التنزيل - البغوي


الصفحة التالية
Icon