والشريعة كلها مبنية على على الرحمة في أصولها وفروعها، وفي الأمر بأداء الحقوق ؛ سواء كانت لله أو للخلق ؛ فإن الله لم يكلف نفسا إلا وسعها. وإذا تدبرت ما شرعه الله تعالى في المعاملات، والحقوق الزوجية، وحقوق الوالدين، والاقربين، والجيران، وسائر ما شرعه الله، وجدتَ ذلك كلَّه مبنيا على الرحمة ( (١) ).
وعنْ النَّبِيِّ - ﷺ - قَالَ: "مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ" ( (٢) ).
الحياء :
قال تعالى :﴿... إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ...﴾(٣) : حُسْنُ خُلُقِه - ﷺ - جَرَّهم إلى المباسطة معه، حتى أنزل اللَّهُ هذه الآية( (٤) ). وقال تعالى :﴿فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء...﴾(٥).
عَنْ النَّبِيِّ - ﷺ - قَالَ:" الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ"( (٦) ).
والحياء لايمنع من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
العدل والمساواة :
قال تعالى :﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ... ﴾(٧). يخبر تعالى أنه يأمر عباده بالعدل ؛ وهو : القسط والموازنة، ويندب إلى الإحسان ( (٨) ). قال الماوردي : إن ما تصلح به الدنيا : العدل الشامل ؛ الذي يدعو إلى الألفة، ويبعث على الطاعة، وتعمر به البلاد، وتنمو به الأموال، ويكبر معه النسل، ويأمن به السلطان. وليس شئ أسرع في خراب الأرض، ولاأفسد لضمائر الخلق من الجَور.

(١) موسوعة نضرة النعيم – (٦/٢١٠١)
(٢) صحيح البخاري – حديث ٥٥٥٤
(٣) سورة الأحزاب : ٥٣.
(٤) تفسير القشيري
(٥) سورة القصص : ٢٥.
(٦) البخاري – حديث ٨
(٧) سورة النحل : ٩٠.
(٨) تفسير ابن كثير


الصفحة التالية
Icon