من فضل الله سبحانه وتعالى أن النفس ترتقي الى حالة تعود فيها إلى فطرتها النقية، وتزول عنها غشاوة المعصية فتلوم نفسها على فعلها، وتدعو صاحبها للتوبة، كما تحذره من الوقوع في المعاصي، قال تعالى :: ﴿وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ﴾(١)، عن الحسن البصري في هذه الآية: إن المؤمن -والله-ما نراه إلا يلوم نفسه: ما أردت بكلمتي؟ ما أردت بأكلتي؟ ما أردت بحديث نفسي؟ وإن الفاجر يمضي قُدُما ما يعاتب نفسه.( (٢) )
قال الجرجاني في تعريفه للنفس اللوامة :" هي التي تنورت بنور القلب، قدر ماتنبهت به عن سنة الغفلة، كلما صدرت عنها سيئة بحكم جبلتها الظلمانية، أخذت تلوم نفسها "( (٣) )
٣- النفس المطمئنة :
هي أعلى درجات النفس، فهي نفس اطمأنت بإقامتها على طاعة الله، فسلّمت بوعيده ورضيت بقضائه وتوكلت عليه، وذاقت حلاوة الإيمان فلم تعد ترضى به بديلا، وأستشعرت لذة المناجاة بين يدي الله سبحانه فلم تعد تشغلها عن طاعة ربها مغريات الحياة ولاتصدها عن زينتها، قال تعالى :: ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً ﴾(٤) يقول ابن كثير :" النفس الزكية المطمئنة وهي الساكنة الثابتة الدائرة مع الحق " ( (٥) )، وقال الطبري :" يعني بالمطمئنة: التي اطمأنت إلى وعد الله الذي وعد أهل الإيمان به في الدنيا من الكرامة في الآخرة، فصدّقت بذلك."( (٦) )
والوصول بالنفس الإنسانية الى هذه الحالة هو الثمرة الكبرى لتزكية النفس.
المجتمع الإسلامي – الدولة الإسلامية :
(٢) تفسير القرآن العظيم – ابن كثير
(٣) التعريفات – الجرجاني
(٤) سورة الفجر : ٢٧-٢٨.
(٥) تفسير القرآن العظيم – ابن كثير
(٦) تفسير جامع البيان – ابن جرير الطبري