رأيتُ ذلك، ولمستُ أثره، أجد طلاب التحفيظ يجدون أوقاتًا للمرح، ويجدون أوقاتًا للجدّ والاجتهاد والتحصيل فتجدّ تحصيلهم الدراسي ممتازًا، فتشعر أن ذلك من بركة انتظامه في حلق التحفيظ، أن الله تعالى يسهل له أموره، وييسر له أسباب الفلاح والنجاح.
أليس هذا الطالب يسلك سبيله كل يوم إلى حلق الذكر يبتغي علمًا، وأيّ علم، تعلم كتاب الله تعالى ومدارسته، ألم يقل النبيّ صلى الله عليه وسلم: «ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له به طريقًا إلى الجنة» (١).
ومن دلائل ذلك أن الله تعالى يزيل العقبات أمامه التي تحول دون انقطاعه عن طلب العلم وتحصيله، فتجد التوفيق والسداد حليفه، وأبواب العلم تشرع أمامه، بل تجده موفقًا لفعل الخير، مُعانًا عليه، لأنّ الأعمال الصالحة هي أبواب الجنّة.
قال ابن القيّم: (وقد تظاهر الشرع والقدر على أن الجزاء من جنس العمل فكما سلك طريقًا يطلب فيه حياة قلبه ونجاته من الهلاك سلك الله به طريقًا يحصل له ذلك) (٢).
كل ذلك بركة إخلاصه في تعلم القرآن، وطلبه للعلم.
١٠- الصحبة الصالحة :
لن يظفر أحد بصحبة صالحة مثل ما يظفر الطالب في حلق تحفيظ القرآن الكريم، فحلق التحفيظ مناخًا صالحًا لأن يجتمع فيه المسلم مع أخيه المسلم على ذكر الله تعالى، ويفترقا على ذكر الله تعالى، ليكون أحد السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، ذكر منهم: ((ورجلان تحابا في الله؛ اجتمعا عليه، وتفرقا عليه)) (٣).

(١) أخرجه مسلم في الذكر والدعاء، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن والذكر (٢٦٩٩).
(٢) مفتاح دار السعادة (١/٧١).
(٣) أخرجه البخاري في الأذان، باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة (٦٦٠)، ومسلم في الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة (١٠٣١).


الصفحة التالية
Icon