فطلاب تحفيظ القرآن الكريم، لا تجمعهم دنيا، ولا يشتركون في مصلحة دنيوية حاضرة، بل لا يضمهم إلا إرادة تعلم كتاب الله تعالى، وتلاوته، ومذاكرته، تحفهم الملائكة، وتغشاهم السكينة، فهم في بيت من بيوته.
فهم من أرجى الناس لأن يشملهم هذا الصنف من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم القيامة.
١١- تقويم اعوجاج السلوك :
كيف نقضى على الأخلاق السيئة الفردية في تعلم القرآن في حلق التحفيظ ؟ إنّ حلقات التحفيظ القرآن مكان مبارك، تتمثل فيه أخلاق حملة كتاب الله تعالى في أقوالهم وأفعالهم، أناسٌ يتناصحون فيما بينهم، يتمثلون هدي كتاب ربّهم، ويترجمون معانيه في حياتهم، ويجهدون في جعله واقعًا يعيشونه.
في هذه الأجواء ينشأ طالب حلقات تحفيظ القرآن الكريم، ينشأ بين قدوات يترسم خطاهم، ويستقيم بتقويمهم.
وكم هي الأخلاق السيئة التي عجزت الأسرة عن تقويم اعوجاجها، نجحت حلقات تحفيظ القرآن الكريم في دفعها، وعلاجها.
وإنّه لنورٌ على نور، إذا اجتمعت جهود القائمين على حلقات تحفيظ القرآن الكريم مع جهود الوالدين في الأسرة في اكتشاف الأخلاق السيئة وعلاجها ودفعها.
المبحث الثاني:
الأثر التربوي والخُلقي
لتعليم القرآن الكريم على المجتمع
إن الفرد لا يعيش بمعزل عن المجتمع، ولا شك أن أي تأثر له بأي مؤثر ينعكس ذلك على مجتمعه، لذا وجب أن ننبّه على الآثار التربوية والخلقية لتعليم القرآن على المجتمع، ومن ذلك :
( أ ) حفظ الأوقات، واستثمار طاقات الشباب فيما ينفع :
إنّ الشباب هم أعمدة النهوض بالمجتمعات، والأنصار الذين ناصروا هذا الدّين، ووفوا بالذي عاهدوا عليه رسول الله ﷺ لم يكونوا إلاّ شبابًا، لذا كان استثمار أوقات الشباب من أهم الأمور التي يجب أن تعنى بها المجتمعات، للعاقبة المحمودة التي تعود عليهم وعلى مجتمعهم، وإن من الخسران الذي تتلظى بنارها المجتمعات الفراغ الذي يعانيه الشباب المسلم، ويذهب هدرًا دون استثمار.