ويكفي لمنعم النظر لسوء عاقبة هدر فراغ الشباب قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس؛ الصحة والفراغ» (١).
فالصحة التي هي عنوان الشباب، والفراغ نعمتان، والغبن والخُسْر في عدم استثمار هاتين النعمتين. قال ابن الجوزي: (قد يكون الإنسان صحيحًا
ولا يكون متفرغًا لشغله بالمعاش، وقد يكون مستغنيًا ولا يكون صحيحًا
فإذا اجتمعا فغلب عليه الكسل عن الطاعة؛ فهو المغبون. وتمام ذلك أن الدنيا مزرعة الآخرة وفيها التجارة التي يظهر ربحها في الآخرة، فمن استعمل فراغه وصحته في طاعة الله؛ فهو المغبوط. ومن استعملهما في معصية الله؛ فهو المغبون؛ لان الفراغ يعقبه الشغل، والصحة يعقبها السقم) (٢).
لذا فإن الفراغ إذا لم يستغل في النافع والخير كان مفسدة للشباب على وجه الخصوص، كما قال الشاعر:
إنّ الشباب والفراغ و الجِدَة…مفسدة للمرء أي مفسدة
وحلقات التحفيظ وأمثالها من مجالس التربية والتعليم هي التي تحفظ أوقات الشباب، وتستثمرها لصالح المجتمع.
( ب ) الإسهام في حفظ المجتمع :
إنّ مخرجات حلقات التحفيظ مفخرة للمجتمع، فهم نماذج للشباب الصالح الذين يحملون عبء النهوض بمجتمعاتهم، في تسهم إسهامًا كبيرًا في توجيه طاقات الشباب، وحفظ المجتمع من شرة الشباب وجنوحهم فيما إذا تركوا دون توجيه أو إرشاد.
ويلحظ هذا الأثر القوي لحلقات تحفيظ القرآن الكريم القويّة على أبناء الحي الذي تقوم فيه، في سلوكهم ومواظبتهم على الصلوات، حتى وإن كانوا لا ينتمون إلى تلك الحلقات، لأن المساجد تكون عامرة بالشباب صغار السن المحافظين على الصلوات، مما يوجد في الحي توجّهًا عامًّا على المحافظة على الصلوات والمسابقة إليها.
( ج ) نشر الفضيلة والخلق الحسن :

(١) أخرجه البخاري في الرقاق، باب لا عيش إلا عيش الأخرة (٦٤١٢).
(٢) فتح الباري (١١/٢٢٩).


الصفحة التالية
Icon