وفي التربية الجماعية في تعلم القرآن الاجتماع المحمود الذي يبحث سبل النجاة في الآخرة، قال ابن القيّم رحمه الله تعالى :(الاجتماع بالإخوان قسمان: أحدهما: على مؤانسة الطبع، وشغل الوقت، فهذا مضرّته أرجح من منفعته، وأقلّ ما فيه أنه يفسد القلب، ويضيع الوقت. الثاني: الاجتماع بهم على التعاون على أسباب النجاة والتواصي بالحقّ والصبر؛ فهذا من أعظم الغنيمة وأنفعها)(١).
( ز ) تهيئة البيئة الصالحة :
إن انتشار حلقات تعلم القرآن الكريم يفرز تجمعات للشباب الصالح في كل مكان، وأثر ذلك لا يخفى على المجتمعات المسلمة، لأن الخير إذا انتشر تأثر به أفراد المجتمع. وفي ذلك حفظ لأوقات الشباب، وتوجيه لطاقاتهم، لذلك كانت نصيحة ذلك العالم للذي قتل تسعة وتسعين نفسًا، ثم تاقت نفسه للتوبة: (انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإنّ بها أناسًا يعبدون الله، فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك، فإنّها أرض سوء) (٢).
قال العلماء :(في هذا استحباب مفارقة التائب المواضع التي أصاب بها الذنوب، والأخدان المساعدين له على ذلك، ومقاطعتهم ما داموا على حالهم، وأن يستبدل بهم صحبة أهل الخير والصلاح والعلماء والمتعبدين الورعين ومن يقتدي بهم، وينتفع بصحبتهم، وتتأكد بذلك توبته) (٣).
فأثر التجمعات الصالحة في بناء مجتمع صالح لا يخفى، وأثر تعلم القرآن الكريم في تكوين هذه التجمعات كذلك لا يخفى.
( ح ) القضاء على الظواهر السلبية في المجتمع :
إن مجتمعًا يتربى أبناؤه على تعلم القرآن الكريم، والتأدب بآدابه، والتحلي بأخلاقه؛ لا شك أن الظواهر السلبية ستبدأ في الاختفاء بفضل اجتهاد هؤلاء المتأدبين بآداب القرآن في القضاء عليه، والمساهمة في دفعه.

(١) الفوائد (ص ٥١).
(٢) جزء من حديث أخرجه مسلم في التوبة، باب في قبول توبة القاتل (٢٧٦٦) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(٣) شرح صحيح مسلم للنووي (١٧/٨٣).


الصفحة التالية
Icon