يقضي الطالب ما يقارب الأربع أو الخمس سنوات في إتمام حفظه لكتاب الله تعالى، وبعدها يقضي سنة واحدة لينسى القرآن بكامله.
لماذا؛ لأنّ أكثر حلقات تعليم القرآن الكريم لا تضع البرامج التي تحافظ على ثمرات جهود هذه الحلقات، والأوقات التي بذلت، والأموال التي صرفت لأجل أن يتم هذا الطالب القرآن.
ومن أهم هذه البرامج تأصيل هذا الأصل العظيم في نفوسهم بعد إتمامهم لحفظهم أن الخيرية الواردة في حديث النبيّ ﷺ :(خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه) (١)، لا تتحقق إلا بتعليمه للقرآن بعد تعلمه.
وبذلك نحافظ على حفظ الطالب، ونأمن من نسيانه، وذهاب جهد تلك السنوات سُدى.
ولأجل هذه الخيرية جلس أبو عبد الرحمن يقرئ القرآن ويعلمه للناس من إمرة عثمان بن عفان رضي الله عنه حتى دخول الحجاج المدينة، وكان يقول: (ذاك الذي أقعدني مقعدي هذا) (٢).
(٥) قراءة القرآن وتعلمه سنة متّبعة :
بمعنى أنّ هذه الآثار التربوية التي تحدثنا عنها لا تحقق بعيدًا عن أخذ القرآن مشافهة، فهذه سنّة متّبعة في تعلمه، لذا فإن أهل القرآن نهوا عن أخذ القرآن مباشرة عن الصحف، دون تلقيه عن أفواه المشايخ المتقنين له.
لذلك قال أهل العلم: (لا تأخذوا القرآن من مصحفي، ولا العلم من صحفي) (٣)، وقالوا: (لا يفتي الناس صحفي ولا يقرئهم مصحفي) (٤).
والمصحفي هو الذي أخذ القرآن عن المصحف مباشرة دون شيخ، وكذلك الصحفي الذي يكون شيخه كتابه، ومن ذلك أن اشتهر أحدهم بعيبهم قراءته لقوله تعالى: ؟وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً ؟ (نوح: ٢٣)؛ إذا كان يقرأها (وبشرًا)(٥).
(٦) آثار تتنافى مع تعلم وتعليم القرآن :

(١) أخرجه البخاري في فضائل القرآن، باب خيركم من تعلم القرآن وعلمه (٥٠٢٧).
(٢) المرجع نفسه.
(٣) فتح المغيث (٢/٢٦٢).
(٤) المرجع نفسه.
(٥) تصحيفات المحدثين (١/١٣).


الصفحة التالية
Icon