وقارئه، ولعل هذا الأثر التربوي العظيم هو أهم ما يميّز قارئ من غيره، وهو تأكد اتصافه بجميل الأخلاق وكريمها.
٤- الإحسان في التعامل والسلوك :
إن إحسان التعامل مع الآخرين مرآة يعكس للناس أثر تعلم القرآن الكريم على الفرد المسلم، ذلك أن حفظ حقوق الناس، والسماحة في البيع والشراء من الصفات التي تلقي بظلالها على القلوب، بل إن الذي يحسن معاملة الآخرين ويواجههم بما يحب أن يُواجَه به هو أهم مقومات الداعية الناجح.
قال الله تبارك وتعالى : ؟وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ؟ (فصلت: ٣٤).
قال أبو السعود رحمه الله تعالى :(كأنّه وليّ حميم: بيان لنتيجة الدفع المأمور به، أي: فإذا فعلت ذلك صار عدوك المشاق مثل الولي الشفيق) (١).
وقال ﷺ :«وخالق الناس بخلق حسن» (٢).
فهذا أمرٌ من المخالقة مأخوذٌ من الخُلُق مع الخَلْق، أي: خالطهم وعاملهم، وتكلّف معاشرتهم بالمجاملة في المعاملة وغيرها، من نحو طلاقة وجهٍ، وخفض جانبٍ، وتلطّفٍ وإيناسٍ، وبذل ندًى، وتحمّل أذًى، فإنّ فاعل ذلك يرجى له في الدّنيا الفلاح، وفي الآخرة الفوز بالنّجاة والنّجاح (٣).
وإن واقع قارئ القرآن الكريم ظاهرٌ في تعامله مع الناس، فتجد لين الجانب، ودماثة الأخلاق سمة ظاهرة يلمسها الذين يعيش في محيطهم، حتى إن نبا أحد هؤلاء في بعض الأحيان، فإن القرآن يكسر هذه الحدّة، ويعيده إلى جادة الصواب، فيسكن ويؤوب. وهذا ما يميّز قارئ القرآن عن غيره.
٥- تعظيم القرآن الكريم، وأهله :
(٢) أخرجه الترمذي في البر والصلة، باب ما جاء في معاشرة الناس (١٩٨٧) من حديث أبي ذر رضي الله عنه. قال الترمذي: (هذا حديث حسن صحيح).
(٣) انظر: تحفة الأحوذي (٦/١٠٤).