وقول النبيّ ﷺ :«إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه، والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط» (١).
ولا شكّ أن هذه المنزلة التي لحملة كتاب الله تعالى تؤثر في سلوكهم فيرتفعون عن العامّة في تصرفاتهم، ليكونوا مشاعل هدًى لهم، نماذج للأمّة تهتدي وتقتدي بأقوالهم وفعالهم.
٦- الجمع بين العلم والعمل :
كان السلف رحمهم الله تعالى لا يتعلمون حروف القرآن بعيدًا عن تعلمهم لمعانيه، لذا كان أخذهم للقرآن أخذًا للعلم والإيمان معًا، لا انفصام في تعلمه وأخذه عندهم، ومنه: قول أنس رضي الله عنه :(كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جدّ فينا) أي: عظم (٢). ذلك لجمعهم بين العلم والعمل، كما قال أبو عبد الرحمن السلميّ :(حدثنا من كان يقرئنا من أصحاب رسول الله ﷺ أنهم كانوا يأخذون من رسول الله ﷺ عشر آيات، فلا يأخذون في العشر الأخرى؛ حتى يعلموا ما في هذه من العلم والعمل. قال: فتعلمنا العلم والعمل) (٣).
ذلك أخذ الصحابة للقرآن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتلك طريقتهم في تعليم التابعين القرآن تربية على العلم والعمل.
فقارئ القرآن، ومتعلمه، وارث لميراث النبيّ صلى الله عليه وسلم، جامعٌ له بين صدره، لذلك كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخاطب حاملي كتاب الله بقوله: (يا معشر القراء ارفعوا رؤوسكم فقد وضح لكم الطريق فاستبقوا الخيرات لا تكونوا عيالا على الناس) (٤).
(٢) أخرجه أحمد في مسنده (٣/١٢٠)، وأخرجه ابن حبان في صحيحه (الإحسان ٣/١٩) بلفظ (عُدّ فينا ذا شأن).
(٣) أخرجه أحمد في مسنده (٥/٤١٠).
(٤) ذكره النووي في التبيان (ص ٢٩).