لذا فتوجيه الطلاب في حلق التحفيظ إلى العلم، يجد قبولاً في نفوسهم، واستعدادًا له، فإذا ما وضعت البرامج الجيّدة لذلك الأمر، وتربوا على صغار العلم قبل كباره، استطاعت حلقات تحفيظ القرآن الكريم أن تكون الانطلاقة للعلماء الربانيين.
وقلّ أن تجدّ عالمًا ربانيًّا إلاّ وكانت حلقات تحفيظ القرآن الكريم هي اللبنة الأولى في بنائه العلمي.
فعليه أن يُدرك أن الله تعالى قد أكرمه بهذا الشرف، وجعله في مصافّ العلماء، فينبغي عليه أن يدأب على مدارسة معانيه، وتفهمه، والعمل به، فهو يملك النور الذي ينير للناس طريقها إلى ربّها، وهل بعد ذلك الشرف من شرف.
٧- علو الهمّة :
إن المواظبة على حلق تحفيظ القرآن الكريم، ومجالس تعليمه ليست من السهولة التي يصبر عليها كل أحد لذا فإن عزوف الطالب عن مجالس اللهو، وصبره على حلق تحفيظ القرآن تربية له على الهمّة العالية، ينشأ من صغره على تحديد أهدافه، والسعي إليها.
وفي قصة ابن عبّاس رضي الله عنهما مثلٌ، يقول: (لما مات رسول الله ﷺ قلت لرجل من الأنصار: هلمّ يا فلان، فلنطلب العلم، فإن أصحاب رسول الله ﷺ أحياء. قال: عجبًا لك يا بن عباس، ترى الناس يحتاجون إليك، وفي الناس من أصحاب رسول الله ﷺ من فيهم ؟! قال: فتركت ذاك، وأقبلت أطلب، إن كان الحديث ليبلغني عن الرجل من أصحاب رسول الله ﷺ قد سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فآتيه فأجلس ببابه، فتسفي الريح على وجهي، فيخرج إليَّ، فيقول: يا بن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما جاء بك؟ ما حاجتك؟ فأقول: حديثٌ بلغني ترويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فيقول: ألا أرسلت إليَّ، فأقول: أنا أحقّ أن آتيك. قال: فبقي ذلك الرجل؛ حتى أن الناس اجتمعوا عليَّ. فقال: هذا الفتى كان أعقل مني) (١).