المقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه الصادق الامين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:
فقد حَظي كتاب الله العزيز بجهود كبيرة في سَبيل الحِفاظ على سَلامة نُطقه، وكَشف أسرار إعجازه، و تعريف الناس بفضل قراءته و تعليمه، و إرشادهم إلى آدابه و معانيه، و تنظيم الدرس لمن يبغي أن يتلقى شيئاً من علومه، و ظَلَّ جزء من تلك الجهود حَبيساً في مخطوطات تحتفظ بها مكتبات العالم، و حُبِسَ معها علم غزير كثير النفع.
و لهذا فإنَّ النهوض بتحقيق النصوص العربية الاسلامية القديمة هو أحد أهم وجوه النهوض بمجد هذه الامة، و هو صورة لتجديد ذكرى رجالها، الذين أحرزوا في علوم العربية المختلفة تفوقاً تشهد لهم به كتبهم التي ظَلَّت حتى اليوم مصدر تدريس علوم القرآن و العربية.
و كتاب الايضاح في القراءات هو واحد من تلك الكُتب التي حُبسَ علمها منذ قرون طويلة، و هو موسوعة في علوم القرآن و القراءات، و لم يعرف له ذكر أو صدى في الكتب العربية المماثلة، غير أنَّ القارئ لهُ يُدرك الثروة العلمية التي يضمها و الحيف الذي أصابه بالغفلة عنه.
و كنتُ قد اطلعتُ على نُسخةِ الدكتور غانم قدوري حمد من المخطوطة، و كان قد نظرَ فيه، و أفاد منه، و نَبَّهَ إلى قيمته العلمية و أهمية تحقيقه، فوقع في نفسي أن أقوم بتحقيقه، و لّما رأيتُ ما فيه من غزارة العلم و جودة التصنيف إزداد أملي في إخراج الكتاب محققاً، و الكشف عن علم صاحبه، و نشر ما طُوِيَ من خَبَرِهِما معاً.
و كانت سعة الكتاب و ضخامته عائقاً في سبيل إخراجه كاملاً مُحققاً، لكن ما لا يدرك كُلُّه لا يُترَكُ جُلُّه، فأشار الأساتذة الأفاضل عليَّ بتحقيق قسمه الأول المتألف من ثلاثةٍ و خمسين باباً في علوم القرآن، و قد حَوى مادة أصيلةً مُسْتقلةً عن مادة القسم الثاني و هي القراءات القرآنية، و عسى أن يوفقني الله لإكمال العمل ونشر الكتاب كاملاً.


الصفحة التالية
Icon