وعن ابن عباس –رضي الله عنه، قال: افتخرت السماء على الارض فقالت: أنا أفضلُ، فِيّ العَرش، وفيّ الكُرسِيِّ، وفيّ جَنّة المأوى، وجَنَةِ عَدْنٍ، وفيّ الشمس، وفيّ القَمَر والنُجُوم، وفيّ أرزاقِ الخَلقِ، وفيّ الرحمة، فقالت الأرض: وتَرَكْتِ أن تقولي (١) فيّ الأنبياء، وفيّ بيت الله، فقالت: بلى، ولكن أليس تَتَقلب أضلاع حَمَلةِ القُرآن في بطني ؟ فقال تَعالى: صَدَقتِ يا أرضُ، فكانَ إفتخارُها أن قال لها الرب: صَدَقْتِ (٢).
وعن الأعمش، عن خيثمة، قال: مَرَّتْ بعيسى بن مريمَ إمرأةٌ فقالت: طُوبى لحَجَرٍ حَمَلك، ولِثَديٍّ رضعت منه، فقال: طُوبى لِمَنْ قَرأ القُرآنَ ثم عَمِلَ بِه. وقَد جَاء الخَبَرُ مرفوعا (٣).
وإنما حُذِفَت أسانيدُ هذه الأحاديثِ طَلبا للتخفيف، ولاشتهارها عِندَ رُواة الحديث.

فصل


... فهذه الكرامات لمن تلا القرآن حقّ تلاوته، وهو أن يتبع ما فيه. كذلك روى عكرمة، عن ابن عباس في قوله –عز وجل- :( الذِينَ آتَينَاهُم الكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ ) ]البقرة١٢١[، قال: يتبعونه حَقَّ إتّباعِه (٤)، وعن الحسن في قوله: (يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ ) قال: يعملون بمحكمه، ويؤمنون بمتشابهه، ويَكِلُونَ ما أشكَلَ عَلَيهم الى عالمه (٥).
وإنما بدأتُ بِذِكْر فَضَائل القُرآن لأنه أولُ شَيء يحتاجُ اليه القَارئ، وذلك لأنه إذا عَرَفَ فَضْلَه وما له من الثواب فيه، رَغِبَ في تَعَلُمِهِ، واجتهد في تَدَارُسِهِ (٦)، واشتغل بتَعَرُفِ وُجُوهِه، ومَا لَه وما عليه فيه إبتغاءَ وجهِ رَبّه ورَجاءَ ثَوابه.

فصل


(١) في الأصل (تقول).
(٢) لم أجده.
(٣) فضائل القرآن لأبي عبيد ١/٢٤٥، أخلاق حملة القرآن ٦٠، فضائل القرآن و تلاوته و في إسناده ضعف.
(٤) ينظر: تفسير الطبري ١/٥١٩.
(٥) ينظر: المصدر نفسه ١/٥٢٠.
(٦) في الأصل (تدرسه).


الصفحة التالية
Icon