فالوجه الأول منها: إبدال لفظ بلفظ، فإنَّ كثيراً من العرب يعبرون به عن معنى، و آخرون لا يعرفون ذلك اللفظ و يُعَبِرون عن ذلك المعنى بِلَفظ آخر، بمنزلة أنَّ منهم مَنْ لا يكادُ يعرفُ إلا الحُوت و منهم مَنْ يقول: سمك و لا يكاد يقول حوت، و منهم من يقول عشب، وآخر يقول: حشيش، ومِنهم مَنْ يَقُول: نامَ فلان و لا يكادُ يقولُ: رَقَدَ، وآخرون يقولون: رَقَد و يتعارفونه، و لقد قلتُ في البادية وأنا أُكلِّم بعضَ الأعراب: هذا طريقٌ وعرٌ، فقال: و ما وَعْرٌ ؟ فقلت: خَشْنٌ، ثم قلت له : أما في كلامكم وَعْرٌ ؟ قال: لا، ولسنا نعرف إلا الخَشْن.
وقد روي عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صلى الله عليه قال: مَنْ جُعِل قاضياً فَقَد ذُبِحَ بِغَير سِكِّين، قال أبو هريرة: و ذلك أوَّلُ يومٍ سمعتُ سكين، ما كنت أعرفُ إلا المُدى.
وفي القرآن ( فَاسْعَوا إلى ذِكْرِ اللهِ ) ]الجمعة٩[، و قد قرأ عمر بن الخطّاب: (فامْضُوا إلى ذِكْرِ اللهِ ) (١)، و قال عزّ وجل: (كالعِهْنِ المَنْفُوشِ ) ]القارعة ٥[، و قد قرأ ابن مسعود (كالصُوفِ المَنْفُوشِ ) (٢)، و قال عَزَّ وجل: (إنْ كَانَتْ إلا صَيِحَةً وَاحِدَةً ) ]يس٢٩[، وقرأ ابن مسعود (زِقْيَةً واحِدَةً ) (٣).
والوجه الثاني/١٤و/: إبدال حَرفٍ بِحَرفٍ بِمنزلةِ قولهم: أُعطيتُ، ومن العرب من يقول: أنطيتُ بالنون (٤)، ويقولون: قَهَرَني فلان و منهم من يقول: كهرني (٥)، و يقولون: مَرَدْتُهُ و مَرَثْتُهُ (٦)، و هَرَقْتُ الماءَ و أرَقْتُ الماء (٧)، و سَحَقْتُ الزعفرانَ و سَهَكْتُه (٨)،
(٢) ينظر ص من الرسالة.
(٣) ينظر ص ٥٥، و ينظر: فضائل القرآن ٢/١٧٦.
(٤) ينظر: لسان العرب مادة (عطي).
(٥) ينظر: الابدال ١١٤.
(٦) ينظر: نفسه ١٤٣.
(٧) ينظر: نفسه ٨٨.
(٨) ينظر: نفسه ١١٨.