الوجه الثالث: تقديم و تأخير إمّا في الكلمة و إمّا في الحروف، فأما في الكلمة فذلك شائع في سائر العرب، تقول: سُلِبَ زيدٌ ثوبُه و سُلِبَ ثوبُ زَيدٍ، و المعنيان واحد، و ربِّما يختلف به المعنى على ضرب من التقارب لا يكاد يكون اختلافاً، كقولهم: عرضتُ الناقةَ على الحوض و عرضتُ الحوضَ على الناقة، و لعلَّ بعض العرب ألزم في هذه لتقديم لفظة، و بعضهم يقدّم أُخرى فيكون ذلك اختلاف اللغة في هذا الوجه.
وفي القرآن ( لا يَنَالُ عَهْدِيّ الظَالِمِينَ ) [ البقرة ١٢٤] و هي قراءة العامَّة، وقُرِئ أيضاً (الظَّالِمُونَ )، و قرئ ( فَتَلَقَى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ ) ]البقرة٣٧[ على أنَّ الفعل لآدم و قُرِئَ (آدمَ ) نصبٌ ( مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٌ ) رفعٌ على أنَّ الكلمات هي التي تلَقَّته، و قُرِئَ (فَيَقْتُلُونَ و يُقْتَلُونَ ) ]التوبة ١١١[ و أيضاً (فَيُقْتَلون و يَقتُلُون ) و نحو ذلك.
وأصلُ الحُروف فكقولهم: صُعِق و صُقع، و جَبَذَ و جَذَبَ، و بئر عميقة و مَعِيقَة، وأحْجَمتُ عن الأمرِ و أجحمتُ و ما أطْيَبَه و أيْطَبَه، و رجلٌ أغْرَلَ و أرْغَلَ، واعْتَاقَه الأمر و اعْتَقَاه، واعْتَام و اعْتَمَى و نحو ذلك و هذا اختلاف في اللغة بلا شكّ.
و في القرآن ( أفَلَمْ ييأس الَذِيِنَ آمَنُوا ) ]الرعد ٣١[، ،( و كأيِّنْ مِنْ دابَةٍ ) ]العنكبوت٦٠[و (و كأين ) بتقديم الهمز على حرف الاعتلال و تأخيره عنه، و ( بِعَذَابٍ بَئِيِسٍ ) ]الأعراف١٦٥[ بتقديم الهمز على الياء على وزن فعيل و (بَئِيِسٍ ) على مثال فَيُعل.
الوجه الرابع: زيادة حرف أو نقصانه، و ذلك بمنزلة قول مَنْ يقول من العرب: يَعْرِفْنِيَه و يُعْطِينِيه و مَالِيَهْ و دَارِيَهْ و في القرآن (ما أغْنَى عَنِّي مَالِيهْ. هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ ) ]الحاقة٢٩-٣٠[، ومنهم من يسقط بعض الحروف ترخيما، قال الله: ( فَلا تَكُ في مِريَّةٍ ) ]هود١٠٩[.


الصفحة التالية
Icon