وقال الألوسي(١): ((أي كذلك نزَّلناه ورتلناه ترتيلاً بديعاً لا يقادر قدره، وترتيله: تفريقه آية بعد آية)).
وقال ابن عاشور(٢): ((أي التمهل في النطق بحروف القرآن حتى تخرج من الفم واضحة مع إشباع الحركات التي تستحق الإشباع، وفائدة هذا أن يرسخ حفظه ويتلقاه السامعون فيعلق بحوافظهم، ويتدبر قارئه وسامعه معانيه كي لا يسبق لفظ اللسان عمل الفهم)).
استرسلت في ذكر كلام أهل التفسير في معنى هذه الآية لأمرين:
الأول: ليرى الناظر أنهم اتفقوا في تفسيرهم لها مع المعنى اللغوي الذي سبق ذكره بأن أمر الله عز وجل فيها نبيه - ﷺ - يفيد الإرشاد لما ينبغي أن تكون عليه قراءته للقرآن من التمهل والتبيين والاسترسال وترك العجلة وإعطاء والحركات والحروف حقها؛ ليحصل له التدبر والتفكر في معانيه وفهمه.
الثاني: ليرى المطلع أن علماء التفسير عندما فسَّروا هذه الآية لم ينصوا على أن فيها أمراً بوجوب الترتيل على النبي - ﷺ - أو على أمته كما تلاحظ في عبارتهم، ولم يذكروا أنه يستدل بها على وجوب الترتيل؛ لذلك حملنا ما ورد فيها من الأمر على الاستحباب. والله أعلم.
ثانياً: قال - جل جلاله -: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً ﴾ (٣).
قال ابن عباس - رضي الله عنه -: ((بيَّناه بياناً فيه ترتيل وتثيبت))(٤).
وقال السدي: ((فصلناه تفصيلاً))(٥).

(١) في ((روح المعاني))(١٩: ١٥-١٦).
(٢) في ((التحرير والتنوير))(٢٩: ٢٦٠).
(٣) في سورة الفرقان الآية (٣٢).
(٤) ينظر: ((تفسير البغوي))(٣: ٣٦٨)، ((تفسير أبي السعود))(٦: ٢١٦)،
(٥) ينظر: ((تفسير البغوي))(٣: ٣٦٨)، ((تفسير أبي السعود))(٦: ٢١٦)،


الصفحة التالية
Icon