قال الإمام الأصولي الفقيه المحدث أبو الوليد الباجي المتوفى سنة (٤٧٤هـ)(١): ((قد تكلّم الناس في الترتيل والهذ: فذهب الجمهور إلى تفضيل الترتيل؛ قال الله تعالى: ﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ﴾، وكانت قراءة النبي - ﷺ - موصوفة بذلك قالت حفصة رضي الله عنها: (وكان يقرأ بالسورة فيرتلها حتى تكون أطول من أطول منها)، وهو المروي عن أكثر الصحابة، وسئل مالك عن الهذ في القرآن، فقال: من الناس مَن إذا هذَّ كان أخف عليه، وإذا رتل أخطأ، ومن الناس مَن لا يحسن يهذ، والناس في ذلك على ما يخف عليهم وذلك واسع. وقال أبو الوليد: ومعنى ذلك عندي أنه يستحب لكل إنسان ملازمة ما يوافق طبعه ويخف عليه فربَّما تكلَّفَ ما يخالف طبعه ويشقّ عليه ويقطعه ذلك عن القراءة والإكثار منها، وليس هذا ممّا يخالف ما قدمناه من تفضيل الترتيل لمن تساوى في حاله الأمران. والله أعلم وأحكم)).
ثالثاً: في المذهب الشافعي:
قال الإمام الشافعي المتوفى سنة (٢٠٤هـ)(٢): (( ﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ﴾ : وأقل الترتيل ترك العجلة في القرآن عن الإبانة، وكلَّما زاد على أقل الإبانة في القراءة كان أحب إلي ما لم يبلغ أن تكون الزيادة فيها تمطيطاً. وأحب ما وصفت لكل قارئ في صلاة وغيرها، وأنا له في المصلي أشدّ استحباباً منه للقارئ في غير صلاة، فإذا أيقن المصلي أن لم يبق من القراءة شيء إلا نطق به أجزأته قراءته))(٣).
(٢) في ((الأم))(١: ١٣٢).
(٣) وينظر: ((أحكام القرآن للشافعي))(١: ٦٣).