الثاني: أنها مذكورة في آيات منسوخة كما نصَّ الطبري(١)، وقتادة(٢)، والزرقاني(٣)، وغيرهم، قال الزرقاني: (( ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ. قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً. نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً. أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ﴾ (٤)، فإنها منسوخة بقوله سبحانه في آخر هذه السورة: ﴿ نَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ … ﴾ الخ(٥)، وبيان ذلك أن الآية الأولى أفادت وجوب قيامه من الليل نصفه أو أنقص منه قليلاً أو أزيد عليه، أما الثانية فقد أفادت أن الله تاب على النبي - ﷺ - وأصحابه في هذا بأن رخَّص لهم في ترك هذا القيام المقدر ورفع عنهم كل تبعة في ذلك الترك، كما رفع التبعات عن المذنبين بالتوبة إذا تابوا ولا ريب أن هذا الحكم الثاني رافع للحكم الأول، فتعين النسخ)).

(١) في ((تفسير الطبري))(٢٩: ١٢٦).
(٢) في ((الناسخ والمنسوخ))(ص٥٠).
(٣) في ((مناهل العرفان))(٢: ١٩٣).
(٤) المزمل: ١-٤.
(٥) المزمل: ٢٠.


الصفحة التالية
Icon