قال ابن كثير رحمه الله في تفسير آية آل عمران المتقدمة :( يخبر تعالى أن في القرآن آيات محكمات، هنّ أمّ الكتاب، أي بيّنات واضحات الدلالة لا التباس فيها على أحد، ومنه آيات أخر فيها اشتباه في الدلالة على كثير من الناس، أو بعضهم، فمن رد ما اشتبه إلى الواضح منه، وحكم محكمه على متشابهه عنده، فقد اهتدى، ومن عكس انعكس، ولهذا قال تعالى ﴿ هن أم الكتاب ﴾ أي أصله الذي يرجع إليه عند الاشتباه ﴿ وأخر متشابهات ﴾، أي تحتمل دلالتها موافقة المحكم وقد تحتمل شيئا آخر من حيث اللفظ والتركيب لا من حيث المراد)
فصل في الفرق بين التأويل و التفسير في القرآن
التأويل في لغة القرآن هو ما يؤول إليه الشيء وعاقبته.
كقوله تعالى ( وأحسن تأويلا ) أي خيرٌ عاقبة،
وقوله ( ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا) قال الطبري ( بم تؤول إليه عاقبة أفعالي )
وقوله ( هذا تأويل رؤياي )، قال ابن كثير ( أي هذا ما آل إليه الأمر )
وقوله ( يوم يأتي تأويله ) ( ولما يأتهم تأويله ) أي عاقبة ما جاءت به الرسل الكرام.
في لفظ السلف له معنيان :
أحدها : تفسير الكلام وبيان معناه سواء وافق ظاهره أو خالفه، فهنا يكون والتفسير مترادفين، وقد جاء هذا في كلام النبوّة في حديث ( وعلّمه التأويل ) عن ابن عباس رضي الله عنهما،
الثاني : نفس مراد المتكلم، فإن كان طلبا كان تأويل الكلام نفس الفعل المطلوب، وإن كان خبرا كان نفس الشيء المخبر به.
وكلا المعنيين يعم المحكم والمتشابه، والأمر، والخبر.
أما التأويل بمعنى صرف اللفظ من معناه الظاهر إلى معنى آخر، فهو اصطلاح حادث لايجوز إنزال معاني القرآن عليه.
ثم إنّ صرف اللفظ عن معناه الظاهر إلى معنى آخر إنّ كان بدليل صحيح فهو من تفسير القرآن، وإن كان لغير ذلك فهو من القول بالقرآن بغير علم.