وبهذا يعلم أن الوقف في :( وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم ) إن كان على لفظ الجلالة، فالمقصود عاقبة ما ذكر في القرآن مما يعلم عاقبته ومآله وكيفيّة وقوعه إلا الله تعالى، وإن كان على ( والراسخون في العلم )، فالمقصود به التفسير والبيان والإيضاح، فهم يعلمونه، مما علمهم الله تعالى أن يردوه إلى المحكم فيتبين معناه.
فصل :
الآية التي جمعت أسرار القرآن
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : لهذا قيل أن هذه الآية جمعت جميع أسرار القرآن إياك نعبد وإياك نستعين لأن أولها اقتضى عبادته بالأمر والنهى والمحبة والخوف والرجاء كما ذكرنا وآخرها اقتضى عبوديته بالتفويض والتسليم وترك الاختيار وجميع العبوديات داخلة فى ذلك.
وقال في موضع آخر :(ولهذا روى أن الله أنزل مائة كتاب وأربعة كتب، جمع معانيها فى القرآن، ومعانى القرآن فى المفصل، ومعانى المفصل فى أم الكتاب، ومعانى أم الكتاب فى هاتين الكلمتين إياك نعبد وإياك نستعين، وهذا المعنى قد ثناه الله فى مثل قوله : فاعبده وتوكل عليه، وفى مثل قوله عليه توكلت واليه أنيب، وقوله عليه توكلت وإليه متاب)
قال ابن القيم في بدائع الفوائد :(وأسرار القرآن الكريم أكثر وأعظم من أن يحيط بها عقول البشر)
فصل :
دعوى أن للقرآن معاني باطنية لاتعلم من ميراث الرسول زندقة
أجمع العلماء أن النصوص على ظاهرها والعدول عنها إلى معان باطنية لا تعلم إلاّ بطريق الكشف الصوفي، زندقة وإلحاد، إذ ذلك يبطل الشريعة بأكملها.
قال ابن الصلاح في فتاويه : وجدت عن الإمام أبي الحسن الواحدي المفسر أنه قال : صنف أبو عبدالرحمن السلمي حقائق التفسير، فإن كان قد اعتقد أن ذلك تفسير فقد كفر.