الجواب أن يقال : انتبه لمعنى الآية من قوله اركعي مع الراكعين، ولم يقل اسجدي مع الساجدين، فإنما عبر بالسجود عن الصلاة، وأراد صلاتها في بيتها، لأن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها مع قومها، ثم قال لها اركعي مع الراكعين، أي صلي مع المصلين في بيت المقدس، ولم يرد أيضا الركوع وحده دون أجزاء الصلاة، ولكنه عبر بالركوع عن الصلاة، كما تقول ركعت ركعتين وأربع ركعات يريد الصلاة، لا الركوع بمجرده، فصارت الآية متضمنة لصلاتين صلاتها وحدها عبر عنها بالسجود، لأن السجود أفضل حالات العبد، وكذلك صلاة المرأة في بيتها أفضل لها، ثم صلاتها في المسجد عبر عنها بالركوع، لأنه في الفضل دون السجود، وكذلك صلاتها مع المصلين دون صلاتها وحدها في بيتها، ومحرابها، وهذا نظم بديع وفقه دقيق وهذه نبذ تسير بك إلى ما وراءها ترشدك وأنت صحيح.
فصل
فائدة في الجمع والإفراد في القرآن
قال ابن القيم في بدائع الفوائد :( ولما كانت الظلمة بمنزلة طرق الباطل، والنور بمنزلة طريق الحق فقد أفرد النور، وجمعت الظلمات، وعلى هذا جاء قوله :( والله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور، والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت، يخرجونهم من النور إلى الظلمات )
فوحد ولي الذين آمنوا، وهو الله الواحد الأحد، وجمع أولياء الذين كفروا لتعددهم، وكثرتهم، وجمع الظلمات وهي طرق الضلال والغي، لكثرتها واختلافها، ووحد النور وهو دينه الحق وطريقه المستقيم الذي لا طريق إليه سواه.
ولما كانت اليمين جهة الخير والفلاح، وأهلها هم الناجون أفردت، ولما كانت الشمال جهة أهل الباطل وهم أصحاب الشمال جمعت في قوله عن اليمين والشمائل.