وكذلك المناظرة الثانية معهم أيضا، فإن المؤمنين قالوا لهم :( آمنوا كما آمن الناس) فأجابهم المنافقون بقولهم :( أنؤمن كما آمن السفهاء ) وتقرير المناظرة من الجانبين أن المؤمنين دعوهم إلى الإيمان الصادر من العقلاء بالله، ورسوله، وأن العاقل يتعين عليه الدخول فيما دخل فيه العقلاء الناصحون لأنفسهم، ولا سيما إذا قامت أدلته وصحت شواهده، فأجابهم المنافقون بما مضمونه أنا إنما يجب علينا موافقة العقلاء، وأما السفهاء الذي لا عقل لهم، يميزون به بين النافع، والضار، فلا يجب علينا موافقتهم، فرد الله تعالى عليهم، وحكم للمؤمنين
وأسجل على المنافقين بأربعة أنواع، احدها تسفيههم، الثاني حصر السفه فيهم، الثالث نفي العلم عنهم، الرابع تكذيبهم فيما تضمنه جوابهم من دعواهم التنزيه من السفه.
فصل في أنواع خطاب القرآن
قال في الإتقان :( قال ابن الجوزي في كتابه النفيس الخطاب في القرآن على خمسة عشر وجها
وقال غيره على أكثر من ثلاثين وجها :
أحدها : خطاب العام والمراد به العموم كقوله الله ( الذي خلقكم).
والثاني : خطاب الخاص، والمراد به الخصوص، كقوله :( أكفرتم بعد إيمانكم )، ( يأيها الرسول بلغ ).
الثالث : خطاب العام، والمراد به الخصوص، كقوله :( يأيها الناس اتقوا ربكم ) لم يدخل فيه الأطفال والمجانين.
الرابع : خطاب الخاص، والمراد العموم، كقوله :( يأيها النبي إذا طلقتم النساء )، افتتح الخطاب بالنبي، والمراد سائر من يملك الطلاق، وقوله :( يأيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك.. الآية ) قال أبو بكر الصيرفي كان إبتداء الخطاب له، فلما قال في الموهوبة خالصة لك علم أن ما قبلها له، ولغيره.
الخامس : خطاب الجنس، كقوله:( يأيها النبي ).
السادس : خطاب النوع، نحو :( يا بني إسرائيل).
السابع : خطاب العين نحو :( وقلنا يا آدم اسكن ) ( يا نوح أهبط ).