وأمَّا الثاني فقد يُقصد به الاستثناء في آيتي سورة "هود" وهما: ﴿ وأمَّا الذين سُعِدُوا فَفِي الجنَّةِ خَالِدِينَ فيها ما دامَتِ السمواتُ والأرضُ إلا ما شاء ربُّك... ﴾ [١٠٨]، وقوله قبلها: ﴿ فأمَّا الذين شَقُوا فَفِي النارِ لهم فيها زَفِيرٌ * وشَهِيقٌ خَالِدِينَ فيها ما دامَتِ السمواتُ والأرضُ إلا ما شاء ربُّك... ﴾ [هود: ١٠٦-١٠٧]، وما فيها من كلام عريض وبحوث شيقة في نوع هذا الاستثناء في كل آية. والله أعلم.
ثمّ رأيت أيضاً في "الفهرست"(١) له كتاباً بعنوان "كتاب فيه مسألة عن قوله: ﴿ ونَادَوْا يا مَالِكُ ﴾ " [الزخرف: ٧٧]، وهو يُحتمل أن يكون في القراءات من حيث التواتر والشذوذ في قراءة ابن مسعود ((ونادوا يا مال)) بحذف "الكاف"، ويُحتمل أن يكون في التفسير؛ لأنَّ فيها مادةً تفسيريةً من حيث المعنى والأسلوب الذي جاءت به الآية، وما ردّ به ابن عباس على قراءة حذف "الكاف" بقوله: ما كان أشغل أهل النار عن الترخيم(٢).
هذا؛ ولا أجزم بأنَّ هذه الكتب في ((التفسير)) حيث لم أقف عليها، ولم أجد من ذكر أنَّه وقف عليها، ولكنها محاولة لعلها تجد في قابل الأيام ما يؤكدها أو ينفيها. والله أعلم.
المبحث الثاني: منهج الداني في مروياته التفسيرية:
إنَّ المطالع في كتاب "المكتفى" يجد الإمام الداني ذا شخصية علمية موسوعية، جرّاء العلوم المتنوعة المبثوثة في الكتاب، ما بين قراءاتٍ وتوجيهها، وتفسير بأنواعه، وإعراب وترجيحٍ بين الأقوال، وردود على الأقوال الضعيفة، إلى آخر ذلك.

(١) - انظر: فهرست الداني: ٢٩، الكتاب رقم: (١٠٧).
(٢) - انظر: فتح البارئ: ٨/٥٦٨، الكشاف: ٣/٤٢٦، التحرير والتنوير: ٢٥/٢٦٠.


الصفحة التالية
Icon