وهذا التعريف عندي هو أولى وأشمل من تعريفات السابقين رحمهم الله الذين جاءت عباراتهم موافقةً للعلوم التي وصل إليها عصر كلِّ معرِّفٍ(١)، حيث لا نجد عندهم عبارات تسمح بدخول ما يصل إليه العلم الحديثُ من حقائق - ولا أقول: من نظريات - قد تكون مفسّرة لبعض آيات القرآن مما لم يعرفه السابقون مع عدم تقصيرهم في محاولة ذلك.
أمَّا هذا التعريف المختار فأرى أنَّ فيه الإشارة إلى ما ألمحتُ إليه؛ إذ كلُّ علمٍ يبحث عن بيان القرآن هو من التفسير، وإن كان في الطب وغيره مما يسمّى في عصرنا هذا بالإعجاز العلميِّ. والله أعلم.
المطلب الثاني: أقسام التفسير:
جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله: التفسير أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يُعذر أحدٌ بجهالته، وتفسير تعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلاَّ الله تعالى. اهـ(٢)
وعلّق عليه الزركشي(٣) بقوله: وهذا تقسيمٌ صحيحٌ. اهـ(٤) ثمّ أخذ يشرح هذا الأثر عن ابن عباس رضي الله عنهما.

(١) - ذكر السابقون في تعريفهم للتفسير علم النزول والقصص والقراءات والمحكم والمتشابه وغير ذلك، وقد بيَّن الشيخ د/الذهبي رحمه الله وجوه الاعتراض على بعض ذلك فليراجع في مقدمة كتابه: التفسير والمفسرون.
(٢) - انظر: تفسير الطبري: ١/٣٤، الإتقان في علوم القرآن: ٤/١٨٨، النكت والعيون: ١-٣٧.
(٣) - هو: محمد بن بهادر، من مشاهير العلماء الأصوليين والفقهاء، (ت: ٧٩٤هـ)، انظر مقدمة تحقيق: البرهان في علوم القرآن: ١/٥، وفيها ذكرٌ لمصادر ترجمته.
(٤) - البرهان في علوم القرآن: ٢/٦٤، وانظر: الإتقان: ٤/١٨٩.


الصفحة التالية
Icon