رابعاً: يلاحظ أنه في روايته عن مجاهد رحمه الله لم يعقّب على ما فيها من مخالفة للجمهور بل ولما رواه هو نفسه مسنداً عن النبي - ﷺ - وذلك في قوله تعالى: ﴿ مقاماً محموداً ﴾ [الإسراء: ٧٩]، حيث روى بسنده عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - ﷺ - قال: المقام المحمود: ((الشفاعة)) ثم ذكر بسنده إلى مجاهد قال: ((مقاماً محموداً)) قال: يُجلسه على العرش(١).
خامساً: إنَّ كلّ المرويات عن قتادة رحمه الله هي ((مراسيل)) يحيى بن سلاَّم عنه، وكذلك روايتاه عن الحسن البصري رحمه الله(٢)، ويغلب على الظنّ أنَّ الواسطة بين يحيى وقتادة هو ابن أبي عروبة رحمه الله.
الخاتمة
الحمد لله الذي يسر لي كتابة هذا البحث الذي حاولت فيه تنبيه الباحثين إلى ما للإمام الداني رحمه الله من اهتمام واعتناء بتفسير كتاب الله تعالى، غير ما عُهد عنه وعُرف به من أنَّه إمام القراءات، حتى أصبح وكأنه لم يعرف من العلم غيرها، أو حتى كأنه لم تكن له من الروايات المتعلقة بالقرآن الكريم إلا رواية الحروف.
وقبل أن أرفع القلم أسجل هنا بعض نقاط:
١) أنَّ الإمام الداني رحمه الله له عناية بالتفسير متمثلة بمروياته التي وصلت إلينا من خلال كتابه "المكتفى في الوقف والابتدا"، وربما له غيرها في الكتب الأخرى لو درست.
٢) أنَّ غالب مروياته في التفسير غير المسندة إنما هي من طريق الإمام يحيى بن سلام.
٣) أن إظهار الجانب العلمي لعلماء القراءات في غير القراءات دَيْنٌ على أهل القراءات فكم من عالم فيها برز في علوم أخرى كالشاطبي في اللغة والحديث، وأبي شامة في الفقه والتاريخ وابن الجزري في الحديث وعلومه وهكذا...
٤) أن ((دراسة الداني مفسراً)) يصلح لأن يكون بحثاً لرسالة علمية.

(١) - انظر: التمهيد لابن عبد البر: ٧/١٥٧-١٥٨، ١٩/٦٣-٦٦.
(٢) - انظر: المكتفى: ٢٨٠، ٣٠١.


الصفحة التالية
Icon