وأمَّا الصحابةُ - رضي الله عنهم - فإذا صحّ عنهم التفسيرُ فهو مأثورٌ مقبولٌ؛ لأنَّ معاينتهم للوحي والتنزيل مع سلامة الفطرة وصفاء النفس وتمكين الله تعالى لهم بالفهم الصحيح لكلامه عزّ وجلّ وكلام نبيه - ﷺ - دليلٌ على أولويتهم عن غيرهم، فقصارى تفسيرهم إمّا أنَّه مرفوعٌ إلى النبي - ﷺ -، وإمَّا أنَّه موقوفٌ عليهم - رضي الله عنهم - (١)، وهذه مزية ليست لغيرهم من الأمّة.
هذا وقد ألحق بعض العلماء تفسير التابعي بالمأثور؛ لأنَّه تلقّاه من الصحابة غالباً، وهذا الذي تميل إليه النفس تبعاً لروايةٍ عن الإمام أحمد رحمه الله، ولعمل المفسرين حيث قد حكوا في كتبهم أقوالهم خلافاً لابن عقيل(٢) رحمه الله الذي اختار المنع(٣)، قال الزركشي رحمه الله: ولعل اختلاف الرواية عن أحمد إنَّما هو فيما كان من أقوالهم وآرائهم. اهـ(٤)
ثانياً: التفسير بالدراية: ((بالرأي)):

(١) - قال الإمام الحاكم رحمه الله: تفسير الصحابي الذي شهد الوحيَ والتنزيلَ له حكم المرفوع. اهـ كذا عمّم هنا وخالف ما ذكره في كتابه الآخر: "علوم الحديث" حيث قال: ومن الموقوفات تفسير الصحابة، وأمَّا مَن يقول: إنَّ تفسير الصحابة مسندٌ فإنَّما يقوله فيما فيه سبب النزول. اهـ وعلّق عليه السيوطي رحمه الله بقوله: فقد خصّص هنا وعمّم في "المستدرك" فاعتمد الأوَّل. اهـ انظر: المستدرك: ١/٢٧، ١٢٣، ٥٤٢، الإتقان: ٤/١٨١.
(٢) - علي بن عقيل بن محمد، أبو الوفاء، شيخ الحنابلة، (ت: ٥١٣هـ). انظر: طبقات الحنابلة: ٢/٢٥٩.
(٣) - ذكر الزركشي رحمه الله: أنه محكي أيضاً عن شعبة ولعله ابن الحجاج. انظر: البرهان في علوم القرآن: ٢/١٥٨، الإتقان: ٤/١٨١.
(٤) - البرهان في علوم القرآن: ٢/١٥٨.


الصفحة التالية
Icon