ثم القول الثالث: وهو يفصّل من حيث ثبوت الأحرف ثبوتاً قطعيا عن النبي صلى الله عليه وسلم، فتشتمل القراءات القرآنية على الأحرف الثابتة قطعياً في العرضة الأخيرة في شكلين: فالمتفق(١) من القراءات رسماً يشتمل على كل من بعض الأحرف، والمختلف(٢) منها رسما يشتمل على بعض من بعض الأحرف، وأما ما لم يثبت من الأحرف فلم تشتمل عليه القراءات القرآنية، وبذلك لم يبق من الأحرف السبعة في المصاحف العثمانية إلا ما يحتمله الرسم كله منها.
يقول د. حسن عتر(٣): ((فالحكم الاجتهادي العام أن القراءات المقطوع بصحتها جميعاً، أخص من الأحرف، والأحرف أعم منها، والنسبة بين الأحرف والقراءات هي العموم والخصوص المطلق، والله أعلم)).
وأخيراً فباعتبار القراءة القرآنية الواحدة فرعاً عن الأحرف السبعة أيضاً، فإنها بكل رواية منها تشتمل على أنواع من جميع الأحرف، التي هي أوجه قرآنية عند من اعتبرها كذلك، فابن الجزري(٤) مثلاً يقول: ((وأما هل هذه السبعة الأحرف متفرقة في القرآن فلاشك عندنا في أنها متفرقة فيه، بل وفي كل رواية وقراءة باعتبار ما قررناه في وجه كونها سبعة أحرف، لا أنها منحصرة في قراءة ختمة وتلاوة رواية، فمن قرأ -ولو بعض القرآن- بقراءة معينة، اشتملت على الأوجه المذكورة، فإنه يكون قد قرأ بالأوجه السبعة التي ذكرناها، دون أن يكون قرأ بكل الأحرف السبعة)).
(٢) المرجع السابق: الموضع نفسه.
(٣) الأحرف السبعة ومنَزلة القراءات منها، ٣٥٨.
(٤) النشر، ج١/٣٠.