كما تشتمل - أيضاً – هذه القراءة القرآنية الواحدة على بعض الأحرف السبعة فقط، التي هي لغات سبع عند من اعتبرها كذلك، فأبو عمرو الداني رحمه الله مثلاً يقول(١): ((وأما هذه الأحرف السبعة، فإنها ليست متفرقة في القرآن كلها، ولا موجودة فيه في ختمة واحدة، بل بعضها، فإذا قرأ القارئ بقراءة من قراءات الأئمة، وبرواية من رواياتهم، فإنما قرأ ببعضها لا بكلها، والدليل على ذلك أنا قد أوضحنا قبل أن المراد بالسبعة الأحرف سبعة أوجه من اللغات، كنحو اختلاف الإعراب... إلخ )).
وقد يتبادر إلى الذهن أن الأحرف السبعة هي القراءات السبع، وليس الأمر كذلك؛ فلا خلاف في أن الأحرف السبعة ليست هي القراءات القرآنية المتواترة التي يقرأ بها من السبع أو العشر(٢)، وقد أفتى بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-(٣) فقال: ((لا نزاع بين العلماء المعتبرين أن الأحرف السبعة، التي ذكر النبي ﷺ أن القرآن أنزل عليها ليست قراءات القراء السبعة المشهورة.. ولذلك لم يتنازع علماء الإسلام المتبعون، من السلف والأئمة في أنه لا يتعين أن يقرأ بالقراءات المعينة في جميع أمصار المسلمين)).
هذا من جهة الأحرف السبعة، وعليها بوصفها وحيا منَزلاً، من جهة، وتدوينها من المصاحف العثمانية من جهة أخرى، قامت القراءات القرآنية بتلقي الصحابة عن رسول الله - ﷺ - القرآن الكريم بحروفه مشافهة وتَلقينا، وعنهم أخذه التابعون من بعدهم كذلك، فتعددت قراءاته ورواياته وفق ضوابط منهجية دقيقة كل الدقة، في إطار متقن من المشافهة والتلقين.
أركان القراءات القرآنية
(٢) يقول ابن الجزري: ((وذلك باتفاق علماء السلف والخلف))، النشر ١/٤٠.
(٣) مجموع الفتاوى، ج١٣/٣٩٠ باختصار.