وتتمثل هذه المقاييس فيما التزمه جهابذة النقلة للقرآن الكريم، وأولهم كتّاب الوحي بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، وحفاظه من الصحابة، وهم كثيرون، ثم من بعدهم طبقة طبقة، من أصول ضرورية، تحقق صحة النقل، وتضمن سلامة النص، ولا تخرج عما كان بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، كما لم يتخلف واحد منها في أية مرحلة، ولا ينفك أحدها عن الآخَرَين، فتعد أركاناً ضرورية في صحة القراءة، واعتبارها وحياً قرآنيا، وهي ثلاثة:
أ- فبعض أصحابه ﷺ يكتبون عنه الوحي فور تلقيه ويسجلونه، وكلهم يقرؤون عليه ما يسمعونه منه، فيحفظونه ويتلونه دائماً، فعدت الكتابة الصحابية أصلاً لضابط يشترط التزام موافقة الرسم القرآني، الذي تنسخ عليه المصاحف بعد.
ب- ومن جهة أولى تعد القراءة والعرض على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو على جبريل إسماعاً واستماعاً، أصلاً أيضاً لضبط الرواية جيلاً عن جيل.
ج- ولأن القرآن: ژ ؟ ؟ ؟ ژ [الشعراء: ١٩٥]، فبدهي أن الأصل – كذلك – في نقله بقراءاته الصحيحة هو موافقة المنقول - ولو بوجه ما – للغته العربية.
وهذه الأركان من: المشافهة، والرسم، واللغة، هي التي بالتزامها جميعاً على الوجه الصحيح نقل القرآن الكريم – ولا يزال – نقلا صحيحاً متواتراً من الوحي إلى واقع حياة المسلمين، منضبطاً بثلاثة مقاييس ضرورية ومترابطة، فأولها: صحة الإسناد، مع الرواية عن الشيوخ بالمشافهة والتلقي.
وثانيها: موافقة رسم المصحف الذي خطه الصحابة، ونسخه عثمان -رضي الله عنه- في مصاحف الأمصار جميعها.
وثالثها: موافقة اللغة العربية التي نزل بها القرآن الكريم.