وعلى الرغم من ذلك فقد شملت مخاضات المستشرقين كل جوانب القراءات القرآنية، من تأصيلها الشرعي، إلى وضعها اللغوي، إلى نقلها التاريخي، فلم يسلم أي من هذه الجوانب من انتحال شبهة ظنوها قادحة في الأصل الشرعي للقراءات، واستنادها إلى الوحي المعصوم وأنها (كذلك أنزلت)، أو طاعنة في وسائل حفظها وروايتها في كل عصر.
١- فقد تطاولت الرؤية الاستشراقية فتمددت مطاعنها إلى الوحي القرآني، أصل القراءات، لتتساءل حول ثبوت حقيقته للنبي صلى الله عليه وسلم، وصحة تلقيه إياه، فينكره مثل لامارتين الفرنسي، وشاركو، وغيرهما، كما يتعصب ضده بعد أن يقره وليم موير الإنجليزي، وماسينيون الفرنسي، وغيرهما(١).
٢- ثم تقاصرت نظرة المستشرقين أمام وجود الوحي المنَزل، وحقيقته الماثلة في القرآن الكريم، فرمت نصه بالاضطراب، والتناقض، ونحوهما تارة، كما ادعت حرية قراءته بالمعنى، حسب تعدد وجوه القراءات، ونحو ذلك من أسباب مختلفة.
٣- توجهت كل الشبهات الاستشراقية بالطعن في أصل واحد أو أكثر مما يأتي:
أ- مصدر القراءات القرآنية واستناده إلى الوحي المعصوم، فطعنوا في الأحرف السبعة.
ب- نقلة القراءات القرآنية أنفسهم، حيث هم أوعيتها الحافظة الضابطة لها رواية ودراية في كل وقت، فطعنوا في تلقي الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيمن بعدهم كذلك.
ج- بقية أركان القراءات القرآنية، وسيلةً ناقلة، بالكتابة، واللغة.
ثانياً: مصادرها
تتحدد الرؤية الاستشراقية للأحرف السبعة والقراءات القرآنية من دراسات المستشرقين المنشورة حول القرآن الكريم عامة، في مؤلفات مستقلة، أو في دوائر المعارف الموسوعية، ونحو ذلك عند تلامذتهم.
١- فمن كتبهم(٢):
أ- مدخل تأريخي نقدي إلى القرآن، رسالة من تأليف اليهودي جوستاف فايل (١٨٠٨-١٨٨٩م).

(١) انظر: جواهر العرفان، د. رؤوف شلبي، ص ١٠٦.
(٢) انظر: تاريخ القرآن، د. عبد الصبور شاهين، ٨٤، وغيره.


الصفحة التالية
Icon