قال غولدزيهر عن حديث ((إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه)) ما يلي(١): ((روي في مجاميع السنة المعتد بها، على الرغم من أن ثقة مثل أبي عبيد القاسم بن سلام (توفي ٢٢٤ه-٨٣٧م) دمغه بأنه شاذ غير مسند، انظر: ألف باء البلوي، ج١، ص ٢١٠)) ا. ه.
وأقول: نعم إن الحديث مروي في مجاميع السنة المعتد بها، كما يقول غولد زيهر، ويتناقض في قوله، إذ كيف والحالة هذه لمسلم - ثقة أو غيره - أن يدمغه بأنه شاذ غير مسند؟ ((وهي دعوى باطلة، وفرية ظاهرة، فإن أبا عبيد لم يقل بصحة الحديث وشهرته فحسب، بل صرح بتواتره كما نقله عنه جميع العلماء))(٢).
ولكن غولد زيهر قد زور هذا النقل إلى نقيضه، ثم نسبه موثقاً إلى كتاب ((ألف باء البلوي، ج١، ص٢١٠)) وكذب عليه فيما نقله عنه. فالمؤلف يوسف بن محمد الأندلسي المالكي المعروف بالبلوي يذكر في نفس الموضع من كتابه (ألف باء)(٣) هذا، أن أبا عبيد قد صحح حديث: ((إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه)). فهو - كما يذكره الثقة أبو عبيد، وينقله عنه البلوي وكل العلماء والمسلمين– صحيح فضلا عن أن يدمغه أحد بالشذوذ وعدم الإسناد، كما يدعي أو يتناقض غولدزيهر.

(١) مذاهب التفسير الإسلامي، ص ٥٤.
(٢) القراءات في نظر المستشرقين والملحدين، الشيخ عبد الفتاح القاضي: ١٩٥-١٩٦.
(٣) المطبوع قديما في مصر من جزأين عام ١٢٨٧ه بالمطبعة الوهبية، وقد نشرت بيروت دار عالم الكتب، ١٤٠٥ه، (طبعة ثانية) صورة عنه.


الصفحة التالية
Icon