- الأحرف السبعة -، ويسند تصويبها كلها إلى مبدء أصدره الرسول صلى الله عليه وسلم، بعد إسناد ازدهار علمها – فيما بعد - إلى نقطة البدء في الحديث، ليغفل الجانب الأعظم المنصوص عليه في روايات الحديث كلها، وهو جانب الوحي الذي أنزل به القرآن على سبعة أحرف، تلقاها وأقرأها وقال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم: ((كلها شاف كاف))، ((كذلك أنزلت)) فهي حق وصواب، ولكن ليس له فيها إلا التلقي والإبلاغ، لا يحيد عنه قيد شعرة، فلم يصدر من تلقاء نفسه أمراً بالتصويب المقيد ببعض النظم والشروط للقراءات السائدة، كما يقول غولدزيهر، بل أُوحي إليه فسأل ربه المعافاة فأجيب بالتيسير، فبلغه كله وصوب وفق ما تلقى. ((فإن هذا الحديث هو الأصل والعمدة في بيان إنزال القرآن على هذه القراءات المختلفة، وهذا إجماع من علماء الإسلام، لا خلاف بينهم في ذلك، فكيف لا يكون له علاقة باختلاف القراءات))(١).
ومن جهة أخرى يقول الشيخ عبد الفتاح القاضي(٢): ((فقوله: إن هذا الحديث لا علاقة له في الأصل بتاتاً باختلاف القراءات، قد توسط بين قولين من كلامه، كل واحد منهما ينقضه، ويأتي على بنيانه من القواعد)).
وأرى أن غولد زيهر بذلك التناقض مع الضوابط العلمية يهدف إلى تعليل تعدد القراءات بأسباب رآها هو، ليس من بينها الوحي والإنزال الإلهي على سبعة أحرف، مراعاة لعموم الأمة في كتابها، وعالمية الرسالة في دعوتها.

(١) القراءات في نظر المستشرقين والملحدين، الشيخ عبد الفتاح القاضي: ١٩٣-١٩٤.
(٢) المرجع السابق في الموضع نفسه.


الصفحة التالية
Icon