٤- وصف(١) حديث الأحرف السبعة بأنه يبدي شبهاً كبيراً برأي التلمود(٢) في نزول التوراة بلغات كثيرة في وقت واحد، وهو في هذا المطعن ينْزع عن أصله اليهودي، كما نزع عنه في غير هذا الموضع(٣)، ثم هو يتناقض فيما يشتبه به، كدأبه المتعمد.
٥- إسناد تصويب القرآن إلى الخليفة عمر، فهو الذي قرر: ((أن القرآن صواب كله، وفي رواية: كاف شاف ما لم تجعل آية رحمة عذاباً، وآية عذاب رحمة (طبري ج١ص١٠)))(٤). انتهى كلام غولدزيهر الذي نسبه إلى الطبري في تفسيره، فتعمد التحريف بالكذب عليه فيما أسنده هو من متن الحديث إلى رواية عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كأن تصويب القرآن قرار أصدره الخليفة عمر بعد، مع أنه هو الذي اختلف مع هشام بن حكيم حين سمع قراءته، فرفعا الأمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أمر مشهور في حديث مرفوع عند جميع العلماء - ومنهم الطبري(٥) أيضاً – إلى النبي ﷺ -، وقد التزموا جميعاً بضبط الرواية وتحقيق الدراية، حسب الأصول العلمية المرعية عند المسلمين، أما المستشرقون فما يعنيهم من الضبط أو التحقيق إلا ما يوصلهم إلى أغراضهم أولاً، فقد التزم غولد زيهر - بعد اطلاعه على الحديث - بتعمد التحريف والكذب فيما نقله منه عن عمر رضي الله عنه.

(١) المرجع السابق، الموضع نفسه.
(٢) التلمود: تعاليم وروايات شفوية يتناقلها حاخامات اليهود من جيل إلى جيل (انظر: الأسفار المقدسة في الأديان السابقة للإسلام، د. علي عبد الواحد وافي، ص ١٠، دار نهضة مصر للطبع والنشر، بدون تاريخ).
(٣) انظر: ص ٣٢، ٥٥، ٥٦، من كتابه مذاهب التفسير الإسلامي.
(٤) غولد زيهر: مذاهب التفسير الإسلامي: ص ٤٩.
(٥) انظر: تفسير الطبري، ج١، ص ٢٥-٢٧.


الصفحة التالية
Icon