فزعموا أن القراءات تتبع القارئ حسب رؤيته وتحليله لمعنى الآيات، فله أن يتدخل فيها بالتغيير اللفظي – يسيراً وكثيراً – وهو ما يطلقون عليه حرية القراءة بالمعنى، كما طعنوا في الأركان الثلاثة للقراءات، وهذه بعض شبهاتهم:
أولاً: من جهة ثبوت القراءات القرآنية
١- يدعى غولدزيهر أن كثرة قراءات الصحابة واختياراتهم الشخصية جعلت القرآن ((يقدم نصه في أقدم عصور تداوله مثل هذه الصورة من الاضطراب وعدم الثبات))(١)، حيث المعول على المعنى لا على اللفظ، إلى أن حاول عثمان جمعه، ليحد من الحرية الفردية التي كانت سائدة في تلاوة القرآن. فيقول: ((فيما يتعلق بإقامة النص المقدس في الإسلام الأول، كانت تسود حرية مطردة إلى حد الحرية الفردية كأنما كان سواء لدى الناس أن يرووا النص على وجه لا يتفق بالكلية مع صورته الأصلية.. فالمعول إذاً في المرتبة الأولى على المعنى الذي يستبطنه النص، لا على الاحتفاظ المتناهي في الدقة بقراءة معينة. وهو رأي انتهى – فيما يتعلق بتلاوة القرآن في مراسيم العبادة – إلى القول بجواز قراءة النص المطابق للمعنى وإن لم يطابق حرفية اللفظ (القراءة بالمعنى)))(٢)
كما ينقل عن: نولدكه ج١، ص٥٠ (الطبعة الثانية)، متابعا له قوله: ((لأنه إذا كان المعنى لن يناله تغيير، بل يزداد وضوحاً في بعض الأحيان، فمن الجائز أن تستبدل بكل طمأنينة من كلمة غامضة أخرى أوضح منها))(٣).
وفي عرَض من الذكر صرح غولد زيهر بهدفه من مطعنه هذا فقال: ((أما أن مثل هذه الحرية، التي لا تشجع الإيمان الثابت بحصانة نص الوحي المقدس... إلخ))(٤).
(٢) مذاهب التفسير الإسلامي، غولد زيهر: ص ٤٨، ٤٩، ٥١، باختصار. مستمداً من نولدكه:
Neue رضي الله عنeitraege Z. semit. Sprachwissenschaft unten
(٣) المرجع السابق، ص ٢٧.
(٤) المرجع السابق، ص ٥٢.