فقراءة الصحابة للقرآن الكريم لم تكن إلا بإقراء النبي ﷺ إياهم، ومراجعتهم إياه دائماً، ومن ثم ترافعهم إليه - عند الاشتباه - لبيان الصواب والحق، للالتزام الدائم به. ((وحاشا الصحابة والتابعين أن يقولوا في القرآن برأي، مجرد رأي، دون سند مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فما بالنا باتهامهم أنهم عبثوا بالنص القرآني، إضافة وتقويما وتوجيها إلى أغراضهم العقائدية))(١).
لم تكن لقراءات الصحابة - أولاً، ولا لمن بعدهم من التابعين فمن بعدهم- أبداً دوافع شخصية في اختيار قراءة ما، فضلا عما يزعمه المستشرقون من حرية مطردة سائدة إلى حد الحرية الفردية، فلا سبيل إلى اضطراب في النص القرآني منذ تلقاه الرسول صلى الله عليه وسلم، وعنه الصحابة فمن بعدهم.
يقول د. محمد أبو شهبة(٢): ((إن المعول عليه في حفظ القرآن الكريم هو التلقي الشفهي، فعن النبي ﷺ تلقاه ألوف الصحابة العدول الضابطين، وعن الصحابة تلقاه ألوف الألوف من التابعين.. ولا يزال الاعتماد في حفظ القرآن على الشيوخ الحافظين المتقنين إلى يومنا هذا، وهذا القرآن المكتوب في المصاحف ثبت بحفظ الألوف الذين لا يحصيهم العد وأجمع عليه المسلمون في كل عصر وقطر، فكل ما جاء من روايات تخالفه مخالفة صريحة أو ضمنية فاضرب بهذه الروايات عرض الحائط... ثم ما قيمة التخمينات والافتراضات في بحث يتصل بكتاب يعتبر عند المنصفين خير الكتب السماوية وأفضلها، بل الأرضية؟، ثم أين النصوص الكثيرة التي أيدت فرية قراءة القرآن بالمعنى؟)).
(٢) المدخل لدراسة القرآن الكريم، ص ٢١١-٢١٢ باختصار.