ويقول مكي بن أبي طالب في (الإبانة)(١): ((إن الصحابة رضي الله عنهم كان قد تعارف بينهم من عهد النبي ﷺ ترك الإنكار على من خالفت قراءته قراءة الآخر.. ، فكان كل واحد منهم يقرأ كما عُلّم، وإن خالف قراءة صاحبه.. ، وحديث عمر مع هشام بن حكيم مشهور... ))(٢).
وحين يتحدث المستشرقون عن اختلاط مزعوم في النص القرآني بسبب قراءاته فإنهم كثيراً ما يقعون في التناقض والاضطراب، وهو ما يظهر فيما تناوله غولدزيهر من مسائل، وادعاه من دعاوٍ حول القراءات القرآنية في كتابيه: مذاهب التفسير الإسلامي، والعقيدة والشريعة في الإسلام(٣)، وغير ذلك، إذ لم يلتزم منهجاً منضبطاً في عرض ما يراه شبهات فهو يقول(٤) مثلاً:
((وطائفة أخرى من القراءات الظاهرة في هذه الدائرة تنشأ من إضافة زيادات تفسيرية، حيث يستعان أحياناً على إزالة غموض في النص بإضافة تمييز أدق يحدد المعنى المبهم، ودفعا لاضطراب التأويل، وقد رويت أمثال تلك الزيادات عن اثنين من صحابة الرسول بوجه خاص، تظهر في قراءتيهما على وجه العموم أشد الاختلافات التي تمس حتى محصول السور وعلى الرغم مما نال النص القرآني في قراءتيهما من تغييرات بعيدة المدى فقد تمتعا بالإجلال بيد أن هذين الصحابيين ليسا بالوحيدين اللذين نسب إليهما إدخال زيادات على النص المشهور للقرآن، بل روي ذلك أيضاً بين حين وآخر عن آخرين. وليس بواضح حقاً ما قصد من هذه الزيادات: هل قصد أصحابها من ذلك إلى تصحيح حقيقي للنص، أو إلى إضافة تعليقات موضحة فقط)).
(٢) انظر البخاري (٩/٢٣) مع الفتح برقم ٤٩٩٢.
(٣) انظر: ص ٦٩ منه وغيرها حيث يزعم فيه أيضاً اضطراب نص القرآن الكريم.
(٤) مذاهب التفسير الإسلامي، غولد زيهر، ص ١٥-٢١.