يقول د. عبد الحليم النجار، تعليقاً على بعض مواضع من أقوال غولد زيهر، في كتابه مذاهب التفسير الإسلامي، من ترجمته(١):
((وأعجب من ذلك تخبط المؤلف في افتراض أن هناك قراءة أصلية، وأخرى محرفة أو مصحفة، وقد ظهر أنه يبني على غير أساس، وأن ما يزعمه قراءة ليس من القراءات في شيء))، ومثّل المترجم لبعض هذا التخبط، ثم أضاف: ((العجب أشد العجب من تسرع غولد زيهر إلى الحكم بأن الزيادات تؤثر في نشأة قراءات، مع أنه سيذكر بعد قليل أنه ليس بواضح حقاً ما قصد من هذه الزيادات.. ؟ إلخ،... فما هذا التناقض؟)).
وكثيرة هي صور التناقض في أقوال غولد زيهر، حتى إنه ناقض نفسه عشرات المرات، وتخبط في كثير من المواطن كما يقول عنه بعض الباحثين(٢).
وعلى ذلك فاتهام عثمان - رضي الله عنه - بمحاولته توحيد نص مضطرب لا محل له أصلاً، إذ النص القرآني ذاته وحي قطعي ثابت متواتر الحفظ، إلى أن دونه عثمان في عدة مصاحف، إثباتاً وتوثيقاً لقراءاته الصحيحة، ونشرا عملياً لها في الآفاق بأكثر من وسيلة.
يقول د. محمد عبد الله دراز(٣): ((وفي رأينا أن نشر القرآن الكريم بعناية عثمان كان يستهدف أمرين، أولهما: أن في إضفاء صفة الشرعية على القراءات المختلفة التي كانت تدخل في إطار النص المدون ولها أصل نبوي مجمع عليه وحمايتها، فيه منع لوقوع أي شجار بين المسلمين بشأنها. لأن عثمان كان يعتبر التماري في القرآن نوعاً من الكفر. ثانيهما: باستبعاد ما لا يتطابق تطابقاً مطلقاً مع النص الأصلي، وقاية للمسلمين من الوقوع في انشقاق خطير فيما بينهم، وحماية للنص ذاته من أي تحريف)).
(٢) انظر: المستشرقون والإسلام، د. محمد أمين حسن بني عامر، ص ٤٢٤.
(٣) مدخل إلى القرآن الكريم، ص ٤٣.