ثم هو أيضاً يتساءل حول صحف أبي بكر وهل هي معترف بها من الجميع؟ ليجيب(١): ((كلا، إذ إن هذه الصحف كانت ملكاً خاصاً لأبي بكر وعمر بصفتهما الشخصية، لا للخليفة رئيس الجماعة،... ولنا أن نتساءل عن إمكان أن تصدر محاولة عمر عن سبب آخر: هو الرغبة في تملك نسخة شخصية من الوحي كما كان يملكها صحابة آخرون للنبي صلى الله عليه وسلم،.. يبدو أنه من المستحسن ألا يكون رئيس الجماعة في وضع أقل من بعض الصحابة ممن هم أحسن حالاً)).
ثم يطعن مباشرة بقوله(٢):
((بيد أننا نلمح من أول وهلة، إما سوء تصرف لدى الخليفة، وإما بعض النوايا المستترة... فالخليفة الذي كان روح المشروع... يعد الممثل الحقيقي للأرستقراطية المكية، - يقصد عثمان رضي الله عنه – فقد كانت لديه جماعة متحالفة مع هذه الأرستقراطية، وتعمل غالباً باسمها... أصهار الخليفة، تربطهم فيما بينهم النساء، وقد جمعت بينهم مصالح مشتركة... إلخ)).
٢- ويتعمد غولد زيهر اتهام الصحابة والقراء من بعدهم بالتساهل في توثيق نقل القراءات القرآنية بالإسناد الصحيح في قوله(٣): ((فإن الاستناد على حجج موثوق بها ليس أمراً عسيراً، مادام ذلك راجعاً إلى مجرد اعتماد شفوي)).
فهو يقرر أن مجرد إسناد القراءة إلى بعض ثقات معترف بهم، واعتمادهم إياها شفهياً، يمنحها الثقة والقبول، ومن ثم الانتشار، مغفلاً عن عمد ضابط الإسناد المتواتر الدائم الذي ((هو الأصل الأعظم والركن الأقوم))(٤) ليراه هو مجرد اعتماد شفوي وليس منهجاً أساسياً دقيقاً محكماً.
(٢) المرجع السابق، ص ٥٦-٦٠ باختصار، نقلاً عن: تاريخ القرآن، د. عبد الصبور شاهين، ص ١٨٥-١٨٧.
(٣) مذاهب التفسير الإسلامي: ص ٥٦.
(٤) النشر لابن الجزري، ص ١٠.